شعبهم، وجاء بشريعةٍ نسخت شرائعهم.
قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ﴾ سبحانه الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى، لمَّا ذكر افتراء اليهود والنصارى وقولهم: إنّ الجنّة لا يدخلها إلّا من كان هودًا أو نصارى، وإنّها خاصة بهم.. أردف ذلك بذكر بعض قبائحهم، وقبائح المشركين في ادّعائهم: أنّ لله ولدًا، حيث زعمت اليهود: أنَّ عزيرًا ابن الله، وزعمت النصارى: أنّ المسيح ابن الله، وزعم المشركون: أنّ الملائكة بنات الله، فأكذبهم الله وردَّ عليهم دعواهم الباطلة.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عكرمة، عن ابن عباس قال: (كان ربما ينزل على النبي - ﷺ - الوحي بالليل وينساه في النهار، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَا نَنْسَخْ﴾ الآية).
وروي أنَّ هذه الآيات نزلت حين قال المشركون، أو اليهود: ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمرٍ، ثُمَّ ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ويقول: اليوم قولا ويرجع عنه غدًا، فقد أمر في حد الزنا بإيذاء الزانيين باللِّسان حيث قال: ﴿فَآذُوهُمَا﴾ ثُمَّ غيَّره وأمر بإمساكهن في البيوت، حيث قال: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ﴾ ثمَّ غيَّره بقوله: ﴿فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ فما هذا القرآن إلّا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه، يناقض بعضه بعضًا، ومقصدهم من ذلك الطعن في الدين؛ ليضعِّفوا عزيمة من يريد الدخول فيه، وينضوي تحت لوائه.
قوله تعالى: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد، أو عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رفيع بن خزيمة، ووهب بن زيد لرسول الله - ﷺ -: يا محمد! ائتنا بكتابٍ تنزله علينا من السماء نقرؤه، أو فجر لنا أنهارًا نتَّبعك ونصدِّقك، فأنزل الله في ذلك: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾.


الصفحة التالية
Icon