التي أصابتها، حين حوصر ابن الزبير بمكة في أوائل سنة أربعٍ وستين، بمعاهدة يزيد بن معاوية، فهدمها بعد أن استخار واستشار، وكان يوم السبت منتصف جمادى الآخرة سنة أربعٍ وستين، وبلغ بالهدم قامةً ونصفًا حتى وصل قواعد إبراهيم، فوجدها كالإبل المسنَّمة، وبعضها متصلٌ ببعضٍ، حتى إن من ضرب بالمعول طرف البناء تحرَّك طرفه الآخر، فبناها على قواعد إبراهيم، وأدخل فيها ما أخرجته منها قريشٌ من الحجر بكسر الحاء، وجعل لها بابين لاصقين بالأرض، أحدهما: بابها الموجود الآن، والآخر: المقابل له المسدود، وكان ابتداء البناء في جمادى الآخرة، وختمه في رجب سنة خمسٍ وستين، ثمَّ ذبح مائة بدنةٍ للفقراء وكساهم.
العاشر: بناء الحجاج، وكان بناؤه للجدار الذي من جهة الحجر بكسر الحاء، والباب الغربيُّ المسدود عند الركن اليماني، وما تحت عتبة الباب الشرقيّ، وهو أربع أذرع وشبر، وترك بقية الكعبة على بناء ابن الزبير، واستمرَّ بناء الحجاج إلى الآن. انتهى ملخصًا. وهذا بحسب ما اطلع عليه رحمه الله تعالى، وإلّا فقد بناه بعد ذلك بعض الملوك سنة ألفٍ وتسعٍ وثلاثين، كما نقله بعض المؤرِّخين. اهـ. وقد نظم العشرة الأولى بعضهم، فقال:
بَنَى بَيْتَ ربِّ العَرْشِ عَشْرٌ فخذْهُمُ | ملائكةُ الله الكِرامِ وآدَمُ |
فَشِيثٌ فَإبْرَاهِيْمُ ثُمَّ عَمَالِقٌ | قُصَيٌّ قُرَيْشٌ قَبْلَ هَذَينِ جُرْهُمُ |
وَعَبْدُ الإلهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَنَى كَذَا | بِنَاءٌ لِحَجَّاجٍ وَهَذَا مُتمِّمُ |