حركة الهمزة إلى الراء الساكنة قبلها، وهي فاءُ الكلمة، ثمّ حذفت الهمزةُ للتخفيف، فصار أرنا بوزن أَفِنَا، فلم يبق من الفعل إلا فاؤُهُ، وهي إمَّا بصريَّةٌ بمعنى: بصِّرنا، أو عرفانيةٌ بمعنى: عرِّفنا، تتعدَّى في أصلها إلى واحد، وتعدَّت هنا للثاني بواسطة همزة النقل ﴿مَنَاسِكَنَا﴾ جمع منسكٍ بفتح السين وكسرها، وقد قرئ بهما، والمفتوح هو المقيس؛ لانضمام عين مضارعه ﴿وَتُبْ عَلَيْنَا﴾ يقال: تاب العبدُ إلى ربّه إذا رجع إليه؛ لأنّ اقتراف الذنب إعراضٌ عن الله وعن موجبات رضوانه، وتاب الله على العبد رحمه وعطف عليه ﴿وَتُبْ﴾ أمرٌ من تاب يتوب، ووزنه فل، وأصل يتوب: يتوب بوزن يفعل؛ نقلت حركة الواو إلى التاء، فسكنت إثر ضمٍّ، فصارت حرف مدّ، فلمَّا بُنِي منه الأمر حذف حرف المضارعة وسكن آخره، فقيل: تُبْ، فالتقى ساكنان فحذفت الواو، ويقال: رغب في الشيء إذا أحبَّه، ورغب عنه كرهه (وسفه) نَفْسه أذلَّها واحتقرها. ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾ أصله: اصْتَفَوَ بوزن افتَعَلَ من الصفوة لامه واوٌ، لكنَّها أبدلت ياءً؛ لمجيئها خامسةً، ثُمَّ بُنِيَ الفعل على السكون؛ لاتصاله بضمير الرفع (نا) ثُمَّ أبدلت تاء الافتعال طاءً؛ لوقوعها بعد حرفٍ من حروف الإطباق، كما قال ابن مالك:
طاتا افْتِعَالٍ رُدَّ إثر مُطْبَقِ | في ادَّان وازْدَدْ وادَّكِر دالًا بَقي |
﴿فَلَا تَمُوتُنَّ﴾ أصله: تموتونن بثلاث نونات، الأولى علامة الرفع، والثانية