قوله تعالى: ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ...﴾ الآيات، روي أنَّ سبب نزول هذه الآيات: أنَّ اليهود والنصارى قالوا: يجب أن يكون الناس لنا تبعًا في الدِّين؛ لأنَّ الأنبياء منا، والشريعة نزلت علينا، ولم يعهد في العرب أنبياء ولا شرائع، فردَّ الله عليهم بهذه الآيات.
التفسير وأوجه القراءة
١٣٥ - وقوله: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ في المعنى معطوف على قوله: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ﴾. الخ. وهو بيان فن آخر من فنون كفرهم، وإضلالهم لغيرهم إثر بيان ضلالتهم في أنفسهم قبل، نزلت هذه الآية في رؤساء يهود المدينة، وفي نصارى نجران، والضمير في ﴿قالوا﴾ لأهل الكتابين، وأو في قوله: ﴿أَوْ نَصَارَى﴾؛ لتفصيل القول المجمل بقوله: ﴿قالوا﴾؛ أي: قالت اليهود للمؤمنين: ﴿كُونُوا هُودًا﴾؛ أي: اتَّبعوا اليهوديَّة تهتدوا من الضلالة، وتصلوا إلى الخير، وتظفروا بالسعادة، فإنّ نبيَّنا موسى أفضل الأنبياء، وكتابنا التوراة أفضل الكتب، وديننا أفضل الأديان، وكفروا بعيسى والإنجيل، وبمحمدٍ والقرآن، وقالت النصارى للمؤمنين: كونوا نصارى؛ أي: اتبعوا النصرانية تهتدوا، فإنّ نبينا عيسى أفضل الأنبياء، وكتابنا الإنجيل أفضل الكتب، وديننا أفضل الأديان، وكفروا بموسى والتوراة، وبمحمدٍ والقرآن؛ أي: قال كُلُّ واحدٍ من الفريقين للمؤمنين: كونوا على ديننا، فلا دين إلّا ذلك، وقوله: ﴿تَهْتَدُوا﴾ جوابٌ للأمر؛ أي: إن تكونوا كذلك تجدوا الهداية من الضلالة، فأنزل الله تعالى ردًّا عليهم ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمد! على سبيل الردِّ، ببيان ما هو الحقُّ لا نتَّبعُ دينكم ﴿بَلْ﴾ نتبع ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ ودينه.
وقرأ الجمهور (١): بنصب (مِلَّةَ) بإضمار فعل، إمّا على المفعول؛ أي: بل نتبع ملة إبراهيم؛ لأنَّ معنى قوله: ﴿كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ اتَّبعوا اليهوديَّة والنصرانيَّة، وإمَّا على أنَّه خبر كان؛ أي: بل نكون ملة إبراهيم؛ أي: أهل ملة