فحذفت فالتقى ساكنان، فحذفت الياء، ثُمَّ ضمَّت التاء؛ لمناسبة الواو، ﴿الزَّكَاةَ﴾ تقدَّم أنَّ ألفه منقلبةٌ عن واو؛ لأنّه من: زكا يَزْكُو، كنما ينمو.
البلاغة
وقد تضمّنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ﴾ استبعادًا لعدم قبولهم الإيمان مع مشاهدة الآيات الباهرة، وتسليةً للنبي - ﷺ -، وللمؤمنين؛ لأنّهم كانوا شديدي الحرص على إيمانهم.
ومنها: الإتيان بالجملة الحالية في قوله: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ إفادةً لكمال قُبْحِ صنيعهم، وأنَّ تحريفهم للتوراة كان عن قصدٍ وتصميمٍ، لا عن جهل ونسيانٍ، ومن يرتكب المعصية عن علم يستحقُّ الذمَّ والتوبيخ، أكثر ممن ارتكبها وهو جاهل.
ومنها: الاستفهام بمعنى النهي في قوله: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ﴾؛ لأنَّ المعنى: لا تحدِّثوهم يعنون المؤمنين.
ومنها: التعبير بالفتح في قوله: ﴿بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾؛ للإيذان بأنّه سِرٌّ مكنون، وبابٌ مغلقٌ لا يقف عليه أحدٌ.
ومنها: التوبيخ والعتاب في قوله: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾.
ومنها: الطباق في قوله: ﴿يسرون ويعلنون﴾ حيث قابل بين لفظتي يسرّون ويعلنون، وهو نوع طباق الإيجاب.
ومنها: ذكر الأيدي في قوله: ﴿يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ مع أنَّ الكتابة لا تكون إلّا بالأيدي؛ لدفع توهُّم المجاز بأنَّ المراد أَمْلَوْهُ لغيرهم، وللتأكيد بأنَّ الكتابة باشروها بأنفسهم، كما يقول القائل: كتبته بيميني وسمعته بأذني، وفيه الإطناب أيضًا لتصوير حالة الكتابة في النفس، كما وقعت، وتجسيدها أمام السامع حتى يكاد يكون مشاهدًا لها، ولتسجيل الأمر عليهم، كما تقول لمن ينكر معرفته: ما كتب ووقع أنت كتبته بيمينك.


الصفحة التالية
Icon