٦٩ - ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾؛ أي: يزاد له العذاب يوم القيامة بقدر معاصيه، وذلك لانضمام المعاصي إلى الكفر، فلا يعارض قوله تعالى في سورة الأنعام: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١٦٠)﴾، أو المعنى: يتزايد عذابه وقتًا بعد وقت، فهو كناية عن كونه مؤبدا. وفي "التأويلات النجمية": يكون معذبًا بعذابين، على كل ذنب عذاب دركات النيران، وعذاب فوات درجات الجنان، وقربات الرحمن. والضعف تركب قدرين متساويين ما سيأتي في مبحث المفردات، والجملة بدل من ﴿يَلْقَ﴾ لاتحادهما في المعنى؛ لأن مضاعفة العذاب نفس لقي الآثام فلذلك جزمت، كما قال الشاعر:
مَتَى تَأْتِنَا تُلْمِمْ بِنَا فِيْ دِيَارِنَا | تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا وَنَارًا تَأَجَّجَا |
والضمير في قوله: ﴿وَيَخْلُدْ فِيهِ﴾ عائد إلى العذاب المضاعف؛ أي: يخلد في العذاب المضاعف حالة كونه ﴿مُهَانًا﴾؛ أي: ذليلًا حقيرًا، جامعًا للعذاب الجسماني والروحاني لا يغاث. وقرأ (١) نافع وابن عامر وحمزة والكسائي: ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ﴾ مبنيًا للمفعول وبألف ﴿وَيَخْلُدْ﴾ مبنيا للفاعل. وقرأ الحسن وأبو جعفر وابن كثير كذلك، إلّا أنهم شددوا العين، وطرحوا الألف، وقرأ أبو جعفر أيضًا وشيبة وطلحة بن مصرف ﴿يضاعِف﴾ بالياء مبنيًا للفاعل ﴿العذاب﴾ بالنصب وقرأ طلحة بن سليمان ﴿نضعّف﴾ بضم النون والعين المشددة بالجزم ﴿وتخلد﴾ بتاء الخطاب على الالتفات مرفوعًا؛ أي: وتخلد أيها الكافر، وقرأ أبو حيوة ﴿ويخلّد﴾ مبنيًا للمفعول مشدد اللام مجزومًا، ورويت عن أبي عمرو، وعنه كذلك مخففًا، وقرأ أبو بكر عن عاصم ﴿يضاعف ويخلد﴾ بالرفع فيهما، وكذا ابن عامر، والمفضّل عن عاصم ﴿يضاعف ويخلد﴾ مبنيًا للمفعول مرفوعًا مخففًا، وقرأ الأعمش بضم الياء مبنيًا للمفعول مشددًا مرفوعًا، فالرفع على الاستئناف،
(١) البحر المحيط.