الأطواد عظيمًا، لا لكونه عظيمًا فيما بين سائر الجبال. وحكى (١) يعقوب عن بعض القراءة أنه قرأ: ﴿كل فلق﴾ باللام عوض الراء.
قيل: لما انتهى موسى ومن معه إلى البحر هاجت الرياح، فصار البحر يرمي بموج كالجبال، قال يوشع: يا كليم الله أين أمرت فقد غشينا فرعون من خلفنا، والبحر أمامنا؟ قال موسى: هاهنا، فخاض يوشع الماء لا يواري حافر دابته، وقال الذي يكتم إيمانه من آل فرعون: يا كليم الله أين أمرت؟ قال: هاهنا، فكبح فرسه، فصكه بلجامه حتى طار الزبد من شدقه، ثم أقحمه البحر فارتسب في الماء إلى آخر ما تقدم آنفًا. قيل: دخلوا البحر بالطول وخرجوا في الصفة التي دخلوا منها بعد مسافة، وكان بين موضع الدخول وموضع الخروج أوعار وجبال لا تسلك.
٦٤ - ﴿وَأَزْلَفْنَا﴾؛ أي: قربنا ﴿ثَمَّ﴾؛ أي: هناك؛ أي: في موضع انفلاق البحر ﴿الْآخَرِينَ﴾؛ أي: فرعون وقومه حتى دخلوا عقب قوم موسى مداخلهم. وعن (٢) عطاء بن السائب أن جبريل عليه السلام كان بين بني إسرائيل وبين قوم فرعون، يقول لبني إسرائيل: ليلحق آخركم بأولكم، ويقول للقبط: رويدكم ليلحق آخركم أولكم، فكان بنو إسرائيل يقولون: ما رأينا أحسن سياقة من هذا الرجل، وكان قوم فرعون يقولون: ما رأينا أحسن دعة من هذا الرجل.
وقيل المعنى: وقربناهم إلى الموت؛ لأنهم قربوا من أجلهم في ذلك الوقت. وقيل: المعنى: وحبسنا فرعون وقومه في الضبابة عند طلبهم موسى بأن أظلمنا عليهم الدنيا بسحابة وقفت عليهم، فوقفوا حيارى.
وقرأ الحسن وأبو حيوة (٣): ﴿وزلفنا﴾: بلا ألف ثلاثيًا، وقرأ أبي وابن عباس وعبد الله بن الحارث: ﴿وأزلقنا﴾ بالقاف بدل الفاء؛ أي: أزللنا وأهلكنا من قولهم: أزلقت الفرس إذا ألقت ولدها.
(٢) الخازن.
(٣) البحر المحيط.