فسألوه عن ذلك، فقال: "ولمَ! ورأيت عدوي يكون من أمتي بعدي" فنزلت: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦)﴾ فطابت نفسه.
قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)﴾ أخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: لما نزلت ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)﴾ بدأ النبي - ﷺ - بأهل بيته وفصيلته، فشق ذلك على المسلمين، فأنزل الله سبحانه: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥)﴾.
قوله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤)﴾ سبب نزوله ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال: تهاجى رجلان على عهد رسول الله - ﷺ -، أحدهما من الأنصار والآخر من قوم أخرين، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه؛ وهم السفهاء، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤)..﴾ الآيات. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة نحوه. وأخرج عن عروة قال: لما نزلت ﴿وَالشُّعَرَاءُ﴾ إلى قوله: ﴿مَا لَا يَفْعَلُونَ..﴾ قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله إني منهم، فأنزل الله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا...﴾ إلى آخر السورة.
وأخرج (١) ابن جرير والحاكم عن أبي حسن البراد قال: لما نزلت ﴿وَالشُّعَرَاءُ...﴾ الآية.. جاء عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت، قالوا يا رسول الله: والله لقد أنزل الله هذه الآية، وهو يعلم أنا شعراء هلكنا، فأنزل الله ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا...﴾ الآية، فدعاهم رسول الله - ﷺ -، فتلاها عليهم.
التفسير وأوجه القراءة
١٩٢ - والضمير في قوله: ﴿وَإِنَّهُ﴾ راجع إلى القرآن، وإن لم يجر له ذكر للعلم به؛ أي: إن هذا القرآن ﴿لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾؛ أي (٢): لمنزل من خالق المخلوقين، فليس بشعر، ولا كهانة، ولا أساطير الأولين، ولا غير ذلك مما قالوه فيه، بل

(١) لباب النقول.
(٢) المراح.


الصفحة التالية