كان علمهم بذلك آية على صحة القرآن، وحقية الرسول، وكان علماؤهم خمسة: أسد وأسيد وابن يامين وثعلبة وعبد الله بن سلام، فهؤلاء الخمسة من علماء اليهود، وقد أسلموا وحسن إسلامهم. قال ابن عباس - رضي الله عنهما - بعث أهل مكة إلى اليهود بالمدينة، فسألوهم عن محمد - ﷺ -، فقالوا: إن هذا لزمانه، وإنا لنجد نعته في التوراة، فكان آية على صدقه - ﷺ -.
وقرأ الجمهور: ﴿أَوَلَمْ يَكُنْ﴾ بالياء من تحت، ﴿آيَةً﴾: بالنصب، وهي قراءة واضحة الإعراب، توسط خبر ﴿يَكُنْ﴾، و ﴿أَنْ يَعْلَمَهُ﴾ هو الاسم، كما مر. قال الزجاج: والمعنى عليه: أو لم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل أن محمدًا - ﷺ - نبي حق، علامة ودلالة على نبوته؛ لأن العلماء الذين آمنوا من بني إسرائيل كانوا يخبرون بوجود ذِكره في كتبهم.
وقرأ ابن عامر والجحدري: ﴿تكن﴾ بالتاء من فوق، ﴿آيَةً﴾ - بالرفع - على أنها اسم كان، وخبرها ﴿أَنْ يَعْلَمَهُ﴾. ويجوز أن تكون تامة. وفي قراءة ابن عامر نظر؛ لأن جعل النكرة اسمًا، والمعرفة خبرًا غير سائغ، وإن ورد شاذًا كقول الشاعر:
فَلاَ يَكُ مَوْقِفٌ مِنْكِ الْوَدَاعَا
وقول الآخر:
وَكَانَ مِزَاجُهَا عَسَلٌ وَمَاءُ
وأحسن ما يقال في توجيه هذه القراءة: أن يقال: إن ﴿يَكُنْ﴾ تامة. وقرأ ابن عباس: ﴿تكن﴾ بالتاء من فوق، ﴿آيَةً﴾: بالنصب، كقراءة من قرأ: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ﴾ بتاء التأنيث، ﴿فتنتَهم﴾: بالنصب ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ وقرأ الجحدري (١): ﴿أن تعلمه﴾: بتاء التأنيث، كما قال الشاعر:

قَالَتْ بَنُو عَامِرٍ خَالُوا بِنِيَ أَسَدِ يَا بُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضِرَارًا لأَقْوَامِ
(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon