الاسمين للتعظيم؛ أي: من عند حكيم؛ أيّ: حكيم وعليم، أيّ عليم، وفي تفخيمهما تفخيم لشأن القرآن، وتنصيص على طبقته - ﷺ - في معرفة القرآن، والإحاطة بما فيه من الجلائل والدقائق، فإن من تلقى الحكم والعلوم من مثل ذلك الحكيم العلم يكون علمًا في رصانة العلم والحكمة، وفي الجمع بين الحكيم والعليم إشعارٌ بأن علوم القرآن منها ما هو حكمة كالعقائد والشرائع، ومنها ما ليس كذلك كالقصص والأخبار الغيبية.
والمعنى: أي وإنك أيها الرسول لتحفظ القرآن وتعلمه من عند حكيم بتدبير خلقه عليم بأخبارهم وما فيه الخير لهم، فخبره هو الصدق، وحكمه هو العدل، كما قال: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾.
قصص موسى عليه السلام
٧ - ثم شرع في بيان بعض تلك العلوم، فقال: ﴿إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ﴾؛ أي: واذكر يا محمد لقومك قصة قول موسى لزوجته ومن معها من ولده وخادمه في وادي الطور، وذلك أنه مكث بمدين عند شعيب عشر سنين، ثم سار بأهله بنت شعيب إلى مصر لزيارة أمه وأخيه هارون فضل الطريق في ليلة مظلمة شديدة البرد، وقد أخذ امرأته الطلق، فقدح فأصلد زنده، فبدا له من جانب الطور نار، فقال لأهله: اثبتوا مكانكم. ﴿إِنِّي آنَسْتُ﴾ وأبصرت ﴿نَارًا﴾.
قال مقاتل: النار هو النور، وهو نور رب العزة رآه ليلة الجمعة عن يمين الجبل بالأرض المقدسة. ﴿سَآتِيكُمْ مِنْهَا﴾؛ أي: من تلك النار؛ أي: ممن عندها. ﴿بِخَبَرٍ﴾؛ أي: عن حال الطريق أين هو. و ﴿السين﴾ (١): للدلالة على بعد المسافة، أو لتحقيق الوعد بالإتيان. وإن أبطأ فيكون للتأكيد. ﴿أَوْ آتِيكُمْ﴾ منها. ﴿بِشِهَابٍ قَبَسٍ﴾؛ أي: بشعلة نار مقبوسة؛ أي: مأخوذة من معظم النار ومن أصلها إن لم أجد عندها من يدلني على الطريق، فإن سنة الله سبحانه أن لا يجمع حرمانين على عبده، يقال: اقتبست منه نارًا، أو علمًا: استفدته منه، والشهاب: