١٢ - ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ﴾: معطوف على ﴿بُورِكَ﴾ أيضًا، والجيب مدخل الرأس من القميص المفتوح إلى الصدر؛ أي: وأدخل يدك في حبيب مدرعتك، واجعلها تحت إبطك، ولم يقل (١): في كمِّك؛ لأنه كان عليه مدرعة من صوف، لا كم لها ولا إزار، فكانت يده الكريمة مكشوفة، فأمر بإدخال يده في مدرعته، وهي جبة صغيرة يتدرع بها؛ أي: تلبس بدل الدرع، وهو القميص؛ أي: وأدخل يدك في جيبك وأخرجها.
﴿تَخْرُجْ﴾ يدك حالة كونها ﴿بَيْضَاءَ﴾؛ أي: براقة لها شعاع كشعاع الشمس؛ أي: إن أدخلتها تخرج على هذه الصفة ﴿مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾؛ أي: من غير آفة وعلة ومرض، كبرص وبهق ونحوهما مما يبيض الجسم.
فإن قلت: لِمَ (٢) ثم أتى هنا بلفظ ﴿أَدْخِلْ﴾، وفي القصص بلفظ ﴿اسْلُكْ﴾ هو فلم خالف بين الموضعين؟
قلتُ: أتى هنا بلفظ ﴿أَدْخِلْ﴾ وهناك بلفظ ﴿اسْلُكْ﴾؛ لأن الإدخال أبلغ من السلوك؛ لأن ماضيه أكثر حروفًا من ماضي السلوك، فناسب ﴿أَدْخِلْ﴾ كثرة الآيات في قوله: ﴿تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ﴾؛ أي: معها مرسلًا إلى فرعون، وناسب ﴿اسلك﴾ قلتها، وهي سلوك اليد وضم الجناح المعبر عنهما بقوله: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ﴾.
وقوله: ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ﴾ خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هاتان الآيتان المذكورتان؛ الأولى منهما تغيير ما في يده، وقلبها من جماد إلى حيوان، والثانية تغيير يده نفسها، وقلب أوصافها إلى أوصاف أخرى نورانية؛ أي (٣): هما داخلتان في جملة تسع آيات، فتكون الآيات تسعًا بالعصا واليد؛ وهن: العصا، واليد البيضاء، والجدب في البوادي، ونقص الثمرات، والطوفان، والجراد، والقمل، والدم، والضفادع، حالة كونك مبعوثًا بها ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ﴾ اللعين ﴿وَقَوْمِهِ﴾
(٢) فتح الرحمن.
(٣) روح البيان.