القبطيين، وقوله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ تعليل للبعث؛ أي: وإنما بعثناك إليهم بهذه الآيات التسع؛ لأن فرعون وقومه كانوا قومًا فاسقين؛ أي: خارجين عن الحدود في الكفران والعدوان؛ أي: خرجوا عما تقتضيه الفطرة ويوجبه العقل بادعاء فرعون الألوهية وتصديقهم له في ذلك.
والظاهر (١): أن قوله: ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ﴾ متعلق بمحذوف حال من فاعل ﴿أَلْقِ﴾ و ﴿أَدْخِلْ﴾، وأن قوله: ﴿فِي تِسْعِ﴾ متعلق بمحذوف حال من مفعولهما؛ أي: ألق عصاك، وأدخل يدك حالة كون العصا واليد مع جملة الآيات التسع، فإن الآيات إحدى عشرة: العصا واليد، والفلق، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطمسة، والجدب في بواديهم، والنقصان في مزارعهم، وحالة كونك مرسلًا بها إلى فرعون وقومه القبط إنهم كانوا قومًا خارجين عن ربقة الانقياد لأمري والعبودية لألوهيتي.
فإن قلت: قال هنا (٢): بلفظ ﴿وَقَوْمِهِ﴾، وفي القصص بلفظ ﴿وَمَلَئِهِ﴾ فما الفرق بين الموضعين؟
قلت: الفرق بينهما أن الملأ أشراف القوم، ولم يوصفوا ثَمَّ بما وصف به القوم من قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤)﴾ الآية، فناسب ذكر القوم هنا؛ ليعم هذا الوصف الكل، وذكر الملأ ثم.
١٣ - و ﴿الفاء﴾ في قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا﴾ للإفصاح؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت أنا بعثناه إلى فرعون وقومه في تسع آيات، وأردت بيان حالهم حين جاءهم موسى بآياتنا.. فأقول لك: لما جاءهم موسى بآياتنا التسع، وظهرت على يده حالة كون تلك الآيات ﴿مُبْصِرَةً﴾؛ أي: مستنيرة واضحة. وعبارة "الجمل"؛ أي: مضيئة إضاءة معنوية في كلها، وحسية أيضًا في بعضها؛ وهو اليد. اهـ. شيخنا.
(٢) فتح الرحمن.