١٩ - وقوله: ﴿فَتَبَسَّمَ﴾ سليمان ﴿ضَاحِكًا﴾ أي: شارعًا في الضحك متعجبًا ﴿مِنْ قَوْلِهَا﴾ كلام مفرع (١) على محذوف تقديره: فسمع قولها المذكور، فتبسم. وكل (٢) من التبسم والضحك والقهقهة انفتاح في الفم، لكن الأول انفتاح بلا صوت أصلًا، والثاني انفتاح مع صوت خفيف، والثالث انفتاح مع صوت قوي، اهـ عن "شرح على المواهب" يعني: أنه بالغ في تبسمه حتى بلغ نهايته التي هي أول مراتب الضحك، فهو حال مقدرة، أو مؤكدة على معنى: تبسم متعجبًا من حذرها وتحذيرها، واهتدائها إلى مصالحها ومصالح بني نوعها، فإن ضحك الأنبياء التبسم، والإنسان إذا رأى أو سمع ما لا عهد له به يتعجب ويتبسم.
قال بعضهم: ضحك سليمان كان ظاهره تعجبًا من قول النملة، وباطنه فرحًا بما أعطاه الله سبحانه من فهم كلام النملة، وسرورًا بشهرة حاله وحال جنوده في باب التقوى والشفقة فيما بين أصناف المخلوقات، فإنه لا يسر نبي بأمر الدنيا وإنما كان يسر بما كان من أمر الدين. وقرأ ابن السمقيع: ﴿ضحكا﴾ جعله مصدرًا؛ لأن تبسم بمعنى ضحك، فانتصابه على المصدرية، أو على أنه مصدر في موضع الحال كقراءة ﴿ضَاحِكًا﴾.
﴿وَقَالَ﴾ سليمان ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي﴾ أي: ألهمني، وفقني. وقرأ البزي وورش بفتح ياء ﴿أَوْزِعْنِي﴾. ﴿أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ﴾ بها ﴿عَلَيَّ﴾ من النبوة والملك والعلم والعدل وفهم كلام الطير ونحوها. ﴿وَ﴾ أنعمت بها ﴿عَلَى وَالِدَيَّ﴾ أي: والدي ووالدتي، وأدرج فيه (٣) ذكر والديه تكثيرًا للنعمة أو تعميمًا لها، فإن النعمة عليهما نعمة عليه والنعمة عليه يرجع نفعها إليهما، لا سيما الدينية. اهـ "بيضاوي".
قال أهل الكتاب (٤): وأمه هي زوجة أوريا بوزن قوتلا التي امتحن الله سبحانه بها داود.
أي (٥): وأنعمت بها على والدي داود بن إيشا بالنبوة، وتسبيح الجبال

(١) الفتوحات.
(٢) روح البيان.
(٣) البيضاوي.
(٤) القرطبي.
(٥) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon