الملك ﴿مِنْ﴾ مدينة ﴿سَبَإٍ﴾ وهي مدينة من اليمن تعرف بمأرب، بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام، وعلى هذا فسبأ غير منصرف للعلمية والتأنيث المعنوي. وقيل: اسم لحي باليمن، سموا باسم أبيهم الأكبر، وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام. قالوا: اسمه عبد الشمس، لقب به لكونه أول من سبى، ثم سميت مدينة مارب بسبأ، وعلى هذا فسبأ مصروف.
﴿بِنَبَإٍ﴾؛ أي: بخبر خطير ﴿يَقِينٍ﴾؛ أي: صادق محقق لا شك فيه، يشير إلى أن شرط المخبر أن لا يخبر عن شيء إلا أن يكون متيقنًا فيه لا سيما عند الملوك.
وقرأ الجمهور (١): ﴿مِنْ سَبَإٍ﴾ - بكسر الهمزة مصروفًا هنا -، وفي قوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ﴾ على جعله اسمًا لحي، أو الموضع، أو للأب، كما في حديث فروة بن مسيك وغيره عن رسول الله - ﷺ -، أنه اسم رجل ولد عشرة من الأولاد، تيامن ستة منهم، وتشاءم أربعة، والستة الذين تيامنوا: حمير، وكندة، والأزد، وأشعر، وخشعم، وبجيلة، والأربعة الذي تشاءموا: لخم، وجذام، وعاملة، وغسان.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الهمزة غير مصروف فيهما. وقرأ قنبل من طريق النبال بإسكانها فيهما. وقرأت (٢) فرقة: ﴿بنبأ﴾ بألف عوض الهمزة، وكأنها قراءة من قرأ: ﴿لسبا﴾ بالألف لتوازن الكلمتين، كما توازنتا في قراءة من قرأهما بالهمزة المكسور والتنوين.
وقرأ الأعمش: ﴿من سبأ﴾ بكسر الهمزة من غير تنوين، حكاها عنه ابن خالويه وابن عطية. ويبعد توجيهها، وقرأ ابن كثير في رواية: ﴿من سبًا﴾ بتنوين الباء على وزن رحى، جعله مقصورًا مصروفًا. وذكر أبو معاوية أنه قرأ: ﴿من سبْا﴾ بسكون الباء وهمزة مفتوحة غير منونة، بناء على فعلى، فامتنع الصرف للتأنيث اللازم. وروى ابن حبيب عن اليزيدي ﴿من سبأ﴾ بألف ساكنة، كقولهم:
(٢) البحر المحيط.