سلطانه، ووجوب توحيده، وتخصيصه بالعبادة.. قال: ﴿اللَّهُ﴾: مبتدأ ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾: الجملة خبره ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾: خبر بعد خبر.
قرأ الجمهور (١): ﴿الْعَظِيمِ﴾ بالجر نعتًا لـ ﴿الْعَرْشِ﴾. وقرأ ابن محيصن والضحاك بالرفع نعتًا لـ الرب، وخص العرش بالذكر؛ لأنه أعظم المخلوقات، كما ثبت ذلك في الحديث المرفوع إلى رسول الله - ﷺ -، ووصفه بالعظيم؛ لأنه أعظم ما خلق الله سبحانه من الأجرام، وما سواه في ضمنه.
وقال الزمخشري: فإن قلت: كيف سوى الهدهد بين عرش بلقيس وعرش الله في الوصف العظيم؟
قلت: بين الوصفين فرق؛ لأن وصف عرشها تعظيم له بالإضافة إلى عروش أبناء جنسها من الملوك، ووصف عرش الله سبحانه بالعظم تعظيم له بالنسبة إلى سائر ما خلق الله من السموات والأرض، فبين العظمين تفاوت عظيم.
وقال ابن زيد: من قوله: ﴿أَحَطْتُ﴾ إلى قوله: ﴿الْعَظِيمِ﴾ كلام الهدهد. انتهى. وقوله: ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ محل سجود بالاتفاق، كما في "فتح الرحمن"، يستحب للقارىء والمستمع أن يسجد عند قراءتها.
وحاصل معنى الآيتين: أي (٢) فصدهم عن السبيل حتى لا يهتدوا ويسجدوا لله الذي يظهر المخبوء في السموات والأرض، كالمطر والنبات، والمعادن المخبوءة في الأرض، ويعلم ما يخفيه العباد وما يعلنونه من الأقوال والأفعال، كما قال: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (١٠)﴾ ولما بين أن كل العوالم مفتقرة إليه ومحتاجة إلى تدبيره.. ذكر ما هو كالدليل على ذلك، فأبان أن أعظمها قدرًا؛ وهو العرش الذي هو مركز تدبير شؤون العالم هو الخالق به، وهو محتاج إليه، فقال: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦)﴾ أي: هو الله الذي لا تصلح العبادة إلا له، وهو رب
(٢) المراغي.