يفعله جبابرة الملوك.
و ﴿أن﴾ هي المفسرة، أو مصدرية، و ﴿لا﴾ ناهية، وقيل: نافية، ومحل الجملة الرفع على أنها بدل من ﴿كِتَابٌ﴾، أو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو أن لا تعلوا، وهذه (١) البسملة ليست بآية تامة مثل ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ بخلاف ما وقع في أوائل السور، فإنها آية منفردة نزلت مئة وأربع عشرة مرة، عدد السور، كذا قاله بعضهم.
قرأ الجمهور (٢): ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ﴾ بكسرهما على الاستئناف، وقرأ عكرمة وابن أبي عبلة بفتحهما على إسقاط حرف الجر؛ أي: لأنه. وقرأ أبي: ﴿أن من سليمان وأن بسم الله﴾ بحذف الضميرين وإسكان النونين على أنهما مفسرتان، أو مخففتان من الثقيلة. وقرأ عبد الله بن مسعود: ﴿وإنه من سليمان﴾ بزيادة ﴿الواو﴾ عطفًا على ﴿إِنِّي أُلْقِيَ﴾. وروى ذلك أيضًا عن أبي. وقرأ أشهب العقيلي وابن السميقع: ﴿أن لا تغلوا﴾ بالغين المعجمة من الغلو؛ وهو تجاوز الحد في الكبر.
فإن قلت: لم قدم (٣) سليمان اسمه على اسم الله سبحانه في قوله: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠)﴾؟.
قلت: قدم سليمان اسمه على اسم الله تعالى مع أن المناسب عكسه؛ لأنه عرف أن بلقيس تعرف اسمه دون اسم الله تعالى، فخاف أن تستخف باسم الله تعالى أول ما يقع نظرها عليه، أو كان اسمه على عنوان الكتاب واسم الله تعالى في باطنه.
﴿وَأْتُونِي﴾ حال كونكم ﴿مُسْلِمِينَ﴾؛ أي: منقادين للدين مؤمنين بما جئت به، فإن الإيمان لا يستلزم الإِسلام والانقياد، دون العكس. وهذا (٤) الكلام كان في غاية الإيجاز مع كمال الدلالة على المقصود؛ لاشتماله على البسملة الدالة على
(٢) فتح الرحمن.
(٣) البيضاوي.
(٤) البحر المحيط.