مِثْلُ الْغَزَالِ نَاعِمًا فِيْ دَلِّهِ فَانْتَصَفَ اللَّيْلُ وَلَمْ أُصلِّهِ
فقلت: قاتلك الله ما أفصحك، قالت: أو يُعدُّ هذا فصاحة مع قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى...﴾ الآية. فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين، في أسهل نظم وأوجز عبارة.
فإن قلت: ما فائدة وحي الله تعالى إلى أم موسى بإرضاعه مع أنها ترضعه طبعًا وإن لم تؤمر بذلك؟
قلت: أمرها بإرضاعه ليألف لبنها فلا يقبل ثدي غيرها بعد وقوعه في يد فرعون، فلو لم يأمرها به ربما كانت تسترضع له مرضعة فيفوت المقصود.
فإن قلت: قوله تعالى: ﴿وَلَا تَخَافِي﴾ هو معطوف على جواب الشرط، فيلزم عليه التناقض بين إثبات الخوف في قوله: ﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾ وبين نفيه في قوله: ﴿وَلَا تَخَافِي﴾ لأن التركيب يكون حينئذٍ هكذا: فإذا خفت عليه فلا تخافي، وذلك تناقض؟
قلت: لا يلزم التناقض؛ لأن معناه إذا خفت عليه القتل فألقيه في اليم، ولا تخافي عليه الغرق.
فإن قلت: ما الفرق بين الخوف والحزن حتى عطف أحدهما على الآخر في الآية؟
قلت: الخوف كم يصيب الإنسان لأمر يتوقعه في المستقبل، والحزن غم يصيبه لأمر وقع ومضى.

فصل في ذكرِ القصة في ذلك


٨ - قال ابن عباس (١) - رضي الله عنهما -: إن أم موسى لما تقاربت ولادتها بأن أحست بالطلق أرسلت إلى قابلة، وكانت مصافية لأم موسى، وقالت لها:
(١) المراح.


الصفحة التالية
Icon