أمر الله كأنك قتلت الناس كلهم، يعني: خائفًا مغمومًا. اهـ.
ثم إن موسى قد تربى عند فرعون بالنعمة الظاهرة، ولما هاجر إلى الله، وقاسى مشاق السفر والغربة عوَّضه الله عند شعيب النعمة الظاهرة والباطنة، وقد قيل:
| سَافِرْ تَجِدْ عِوَضًا عَمَّن تُفَارِقُهُ | وَانْصَبْ فَإِنَّ اكْتِسَابَ الْمَجْدِ فِيْ النَّصَبِ |
| فَالأُسْدُ لَوْلَا فِرَاقُ الْخِيْسِ مَا افْتَرَسَتْ | وَالسَّهْمُ لَوْلَا فِرَاقُ الْقَوْسِ لَمْ يُصِبِ |
| بِلَادُ اللهِ وَاسِعَةٌ فَضَاءً | وَرِزْقُ اللهِ فِيْ الدُّنْيَا فَسِيْحُ |
| فَقُلْ لِلْقَاعِدِيْنَ عَلَى هَوَانٍ | إِذَا ضَاقَتْ بِكُمْ أَرْضٌ فَسِيْحُوْا |
٢٦ - ولما أمَّنه وطمأنه على نفسه دار الحديث، وكان ذا شجون و ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا﴾؛ أي: قالت واحدة من البنتين، وهي الكبرى التي استدعته إلى أبيها، وهي التي تزوجها موسى ﴿يَا أَبَتِ﴾؛ أي: يا أبي ويا والدي ﴿اسْتَأْجِرْهُ﴾ لنا؛ أي: اتخذ موسى أجيرًا لرعي الغنم، والقيام بأمرها.
وفيه (١): دليل على أن الإجارة كانت عندهم مشروعة، وقد اتفق على جوازها ومشروعيتها جميع علماء الإِسلام إلا الأصم، فإنه من سماع أدلتها أصم.
وجملة قوله: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ تعليل لما وقع منها من الإرشاد لأبيها إلى استئجار موسى؛ أي: إنه حقيق باستئجارك له، لكونه جامعًا
(١) الشوكاني.