على الثمان، أو أيَّما الأجلين قضيت فلا إثم علي، يعني: كما لا إثم علي في قضاء الأكثر، كذلك لا إثم علي في قضاء الأقصر. والأول أظهر.
﴿وَاللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿عَلَى مَا نَقُولُ﴾ من الشروط الجارية بيننا ﴿وَكِيلٌ﴾؛ أي: شاهد وحفيظ، فلا سبيل لأحد منا إلى الخروج عنه أصلًا. فجمع شعيب المؤمنين من أهل مدين، وزوجه ابنته صفورياء، ودخل موسى البيت، وأقام يرعى غنم شعيب عشر سنين، كما في "فتح الرحمن".
وقرأ الحسن والعباس عن أبي عمرو (١): ﴿أيما﴾ بحذف الياء الثانية، كما قال الشاعر:

تَنَظَّرْتُ نَصْرًا وَالسِّمَاكَيْنِ أَيَمَا عَلَيَّ مِنَ الْغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مَوَاطِرُهْ
وقرأ عبد الله ﴿أي الأجلين ما قضيت﴾ بزيادة ما بين ﴿الْأَجَلَيْنِ﴾ و ﴿قَضَيْتُ﴾.
قال الزمخشري: فإن قلت: ما الفرق بين موقع المزيدة في القراءتين؟
قلت: وقعت في المستفيضة مؤكدة لإبهام أي زائدة في شياعها، وفي الشاذة تأكيدًا للقضاء، كأنه قال: أي الأجلين صممت على قضائه، وجرَّدتُ عزيمتي له، وقرأ أبو حيوة وابن قطيب: ﴿فلا عدوان﴾ بكسر العين.
قال أبو حيان (٢): وظاهر قوله: ﴿أَنْ أُنْكِحَكَ﴾ أن الإنكاح إلى الولي، لا حق للمرأة فيه، خلافًا لأبي حنيفة في بعض صوره، بأن تكون بالغة عالمة بمصالح نفسها، فإنها تعقد على نفسها بمحضر من الشهود.
وفيه دليل على عرض الولي وليته على الزوج، وقد فعل ذلك عمر، كما مر، ودليل على تزويج ابنته البكر من غير استئمار، وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: إذا بلغت البكر فلا تزوج إلا برضاها، قيل: وفيه دليل على قول من قال: لا ينعقد النكاح إلا بلفظ الإنكاح أو التزويج، وبه قال ربيعة والشافعي
(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon