إياه، أو متعلق بمحذوف حال من الشاطىء.
وقرأ الجمهور (١): ﴿فِي الْبُقْعَةِ﴾ بضم الباء، وقرأ أبو سلمة والأشهب العقيلي ومسلمة: بفتحها، وهي لغة حكاها أبو زيد، قال: سمعت العرب تقول هذه بقعة طيِّبة بفتح الباء.
وقوله: ﴿مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ بدل اشتمال من شاطىء الواد، لأنها كانت ثابتة على الشاطىء، وبقيت إلى عهد هذه الأمة، كما في "كشف الأسرار"، وكانت (٢) عُنَّابًا أو سمرة أو سدرة أو زيتونًا أو عوسجًا، والعوسج إذا عظم يقال له الغرقد، بالغين المعجمة. وفي الحديث: "إنها شجرة اليهود ولا تنطق" يعني إذا نزل عيسى وقتل اليهود فلا يختفي منهم أحد تحت شجرة إلا نطقت، وقالت: يا مسلم هذا يهودي فاقتله إلا الغرقد، فإنه من شجرهم فلا ينطق، كما في "التعريف والأعلام" للإمام السهيلي.
﴿أَنْ﴾ مفسرة بمعنى أي، ﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾؛ أي: أنا الله الذي ناديتك ودعوتك باسمك، وأنا رب الخلائق أجمعين، وهذا أول كلامه لموسى، وهو وإن خالف لفظًا لما في طه والنمل لكنه موافق له في المعنى المقصود، ويجوز (٣) أن تكون أن هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن، وجملة النداء مفسرة له. والأول أولى.
وقرأ الجمهور بكسرة همزة ﴿إني﴾ على إضمار القول، أو على تضمين النداء، معناه: وقُرىء بالفتح فهي معمولة لفعل مضمر، تقديره: أي يا موسى اعلم أني أنا الله رب العالمين.
ومعنى الآية: أي فلما جاء إلى النار التي أبصرها من جانب الطور ناداه ربه من جانب الوادي الأيمن؛ أي: عن يمين موسى في البقعة المباركة من ناحية

(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon