المناسبة
قوله تعالى: ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما قال لموسى: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ﴾ علم (١) أنه سيذهب بهذين البرهانين إلى فرعون وقومه، وحينئذٍ طلب منه أن يؤتيه ما يقوي به قلبه، ويزيل خوفه من فرعون، لأنه إنما خرج من ديار مصر فرارًا منه، وهربًا من سطوته، فيُرسل معه أخاه هارون وزيرًا.. فأجابه إلى ما طلب، وأرسله هو وهارون إلى فرعون وملئه، ومعهما المعجزات الباهرة، والأدلة الساطعة فلما عاينوا ذلك، وأيقنوا صدقه لجؤوا إلى العناد والمكابرة، فقالوا: ما هذا إلا سحر مفتعل، وما رأينا أحدًا من آبائنا على هذا الدين، فقال لهم موسى: ربي أعلم بالمهتدي منا ومنكم، وسيفصل بيني وبينكم، ويجعل النصر والتأييد للصالحين من عباده.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنه (٢) لما رغب موسى فرعون وقومه في التوحيد، والنظر في الكون تارة، ورهَّبهم من عذاب الله، وشديد نكاله تارة أخرى.. أجابه فرعون بتلك المقالة التي تدل على الجهل المطبق، ونقصان العقل، وأنه بلغ غاية لا حد لها في الإنكار، وأنه لا مطمع في إيمانه لعتوه وطغيانه، واستكباره في الأرض، حتى قال ما قال. ومن ثم كانت عاقبته في الدنيا الهلاك بالغرق هو وجنوده، واللعن من الله والناس، وفي الآخرة الطرد من رحمة الله، ثم أخبر سبحانه أنه آتى موسى التوراة وجعلها نورًا للناس يهتدون بها، وتكون لهم تذكرة من عقاب الله وشديد عذابه.
قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بيَّن فيما سلف أنه أرسل موسى، بعد أن أهلك القرون الأولى، ودرست الشرائع، واحتيج إلى نبي يُرشد الناس إلى ما فيه صلاحهم، في معاشهم ومعادهم.. أردف ذلك ببيان الحاجة

(١) المراغي.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon