﴿سِحْرَانِ﴾؛ أي: ما أوتي محمد، وما أوتي موسى عليهما السلام سحران ﴿تَظَاهَرَا﴾؛ أي: تعاونا بتصديق كل منهما الآخر، وذلك أن قريشًا بعثوا رهطًا منهم إلى رؤساء اليهود في عيد لهم، فسألوهم عن شأنه - ﷺ -، فقالوا: إنا نجده في التوراة بنعته وصفته، فلما رجع الرهط وأخبروهم بما قالت اليهود، قالوا: إن موسى ساحر كما أن محمدًا ساحر.
﴿وَقَالُوا﴾؛ أي: كفار مكة ﴿إِنَّا بِكُلّ﴾؛ أي: بكل واحد من الكتابين ﴿كَافِرُونَ﴾؛ أي: منكرون، والمعنى: إنا بكل من السحرين، أو بكل من الساحرين كافرون، على اختلاف القراءة فيه.
وقرأ الجمهور وابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: ﴿ساحران﴾ بصيغة اسم الفاعل، وفيمن عنوا به ثلاثة أقوال (١):
أحدها: موسى ومحمد، قاله: ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير، فعلى هذا هو من قول مشركي العرب.
والثاني: موسى وهارون، قاله مجاهد، فعلى هذا هو من قول اليهود لهما في ابتداء الرسالة.
والثالث: محمد وعيسى، قاله قتادة. قال ابن كثير: وهذا فيه بُعدٌ، لأن عيسى لم يجر له ذكرها هنا، وعلى هذا هو من قول اليهود، الذين لم يؤمنوا بنبينا.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وعبد الله وزيد بن علي ﴿سِحْرَانِ﴾ بكسر السين وسكون الحاء. وفيه ثلاثة أقوال أيضًا:
أحدها: التوراة والقرآن، قاله ابن عباس والسدي.
والثاني: الإنجيل والقرآن، قاله قتادة.
والثالث: التوراة والإنجيل، قاله أبو مجلز وإسماعيل بن أبي خالد، ومعنى

(١) زاد المسير.


الصفحة التالية
Icon