الحقائق، وتميز بها بين الحق والباطل، بعد أن كانت عُميًا عن الفهم والإدراك بالكلية.
﴿فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ والعُمْر والعُمُر بالفتح والضم وبضمتين: الحياة، قال الراغب: العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة؛ أي: طال عليهم الحياة وتمادى الأمد، ﴿ثَاوِيًا﴾؛ أي: مقيمًا، يقال: ثوى يثوى - من باب ضرب - ثواءً وثويًا، فهو ثاو المكان وفيه وبه أقام، وثوى الرجل إذا مات. قال عُبيد بن الأبرص في مطلع معلَّقته:

آذَنَتْنَا بَبَيْنِهَا أَسْمَاءُ رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثُّوَاءُ
﴿وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ﴾ والمصيبة العقوبة، قال الراغب: أصلها في الرمية ثم اختص بالمعاقبة، ﴿تَظَاهَرَا﴾؛ أي: تعاونا وتناصرا، والتظاهر التعاون.
﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ﴾ والتوصيل مبالغة في الوصل، وحقيقة الوصل رفع الحائل بين الشيئين، والتوصيل ضم قطع الحبل بعضها إلى بعض، قال شاعرهم:
فَقُلْ لِبَنِيْ مَرْوَانَ مَا بَالُ ذِمَّتِيْ بِحَبْلٍ ضَعِيْفٍ مَا يَزَالُ يُوَصَّلُ
والمراد به هنا إنزال القرآن منجمًا مفرقًا يتصل بعضه ببعض.
﴿اللَّغْوَ﴾ اللغو الساقط من الكلام، وكل ما حقه أن يُلغى ويُترك من العبث وسخف القول، ﴿لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ الابتغاء الطلب، والجهل معرفة الشىء على خلاف ما هو عليه؛ أي: لا نطلب صحبتهم ولا مخالطتهم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ على طريق إطلاق السبب وإرادة المسبب، بمرتبتين تتبع إحداهما ثانيتهما، فإن شدة العضد سبب مستلزم لشدة اليد، وشدة اليد مستلزمة لقوة الشخص في المرتبة الثانية،


الصفحة التالية
Icon