شريك، ومن ثم ينبغي أن لا يكون له شريك يُحمد.
والخلاصة: أن الليل والنهار نعمتان تتعقباقبان على مر الزمان، والمرء في حاجة إليهما، إذ لا غنى له عن الكدح في الحياة لتحصيل قوته، ولا يتسنى له ذلك على الوجه المرضي لولا ضوء النهار، كما لا يكمل له السعي على الرزق إلا بعد الراحة والسكون بالليل، ولا يقدر على شيء من ذلك إلا الله الواحد القهار، وقال الزجاج: يجوز أن يكون معنى الآية: لتسكنوا فيهما، ولتبتغوا من فضل الله فيهما، ويكون المعنى: جعل لكم الزمان ليلًا ونهارًا لتسكنوا فيه، ولتبتغوا من فضله فيه. انتهى.
واعلم (١): أنه وإن كان السكون في النهار ممكنًا، وطلب الرزق في الليل ممكنًا، وذلك عند طلوع القمر على الأرض، أو عند الاستضاءة بشيء مما له نور، كالسراج والكهرباء، لكن ذلك قليل نادر. مخالف لما يألفه العباد، فلا اعتبار به.
قال إمام الحرمين وغيره من الفضلاء (٢): لا خلاف أن الشمس تغرب عند قوم وتطلع عند قوم آخرين، والليل يطول عند قوم، ويقصر عند آخرين، وعند خط الاستواء يكون الليل والنهار مستويًا أبدًا. وسُئل الشيخ أبو حامد عن بلاد بلغار كيف يصلون؛ لأن الشمس لا تغرب عندهم إلا مقدار ما بين المغرب والعشاء، ثم تطلع فقال: يُعتبر صومهم وصلاتهم بأقرب البلاد إليهم. والأصح عند أكثر الفقهاء أنهم يقدرون الليل والنهار، ويكبرون بحسب الساعات. كما قال عليه السلام في أيام الدجال: "يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة" فيقدَّر الصيام والصلاة في زمنه، كذا ورد عن سيد البشر.
قال في "القاموس": بلغر كقرطق، والعامة تقول: بلغار، مدينة الصقالبة ضاربة في الشمال شديدة البرد. انتهى، والفجر يطلع في تلك الديار قبل غيبوبة الشفق في أقصر ليالي السنة، فلا يجب على أهاليها العشاء والوتر لعدم سبب

(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon