التفسير وأوجه القراءة
٧٦ - ﴿إِنَّ قَارُونَ﴾ على (١) وزن فاعول اسم أعجمي، كهارون، ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، وليس بعربي اشتق من قرن. قال الزجاج: لو كان قارون من قرنت الشيء لانصرف.
﴿كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى﴾ أي: من بني إسرائيل، قال النخعي وقتادة وغيرهما: كان ابن عم موسى، وهو قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب، وموسى هو ابن عمران بن قاهث. وقال ابن إسحاق: كان عم موسى لأب وأم، فجعله أخًا لعمران، وهما ابنا قاهث، وقيل: هو ابن خالة موسى، وكان ممن آمن بموسى، وكان من السبعين الذين اختارهم موسى للمناجاة فسمع كلام الله، وكان أقرأ بني إسرائيل للتوراة، وأحفظهم لها، وكان يسمى المنور لحسن صوته، ثم تغير حاله بسبب الغنى، فنافق كما نافق السامري، وخرج عن طاعة موسى، وهو معنى قوله: ﴿فَبَغَى عَلَيْهِمْ﴾ أي (٢): فتطاول قارون وتكبر على موسى وهارون وقومهما، وطلب الفضل عليهم، وحسدهما، وذلك أنهم لما عبروا البحر جُعلت الحبْوَرَة لهارون، وقال يا موسى لك الرسالة ولهارون الحبورة، وهي رياسة مذبح القرابين، ولست في شيء، وأنا أقرأ بني إسرائيل للتوراة، وليس لي على هذا صبر، ولا أرضى بهذا، ورد على موسى نبوته، فقال موسى: ما أنا جعلتها لهارون، بل الله جعلها له من فضله، قال قارون: والله لا أصدقك في ذلك حتى تريني آية تدل عليه، فأمر موسى رؤساء بني إسرائيل بوضع عصيهم في القبة التي كان يعبد الله فيها، وينزل الوحي عليه فيها، ففعلوا وباتوا يحرسونها فأصبحت عصا هارون مورقة خضراء تهتز؛ أي: صارت ذات ورق أخضر، وكانت من شجرة اللوز، فقال موسى: يا قارون أما ترى ما صنع الله لهارون؛ فقال قارون: والله ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر، فاعتزل قارون ومعه ناس كثير من أتباعه من بني إسرائيل، وما كان يأتي موسى ولا يجالسه،

(١) الشوكاني.
(٢) تنوير المقياس.


الصفحة التالية
Icon