عليها ليثقل على العصبة؛ أي: هذه الكنوز لكثرتها واختلاف أصنافها يُتعب حفظها القائمين بحفظها، انتهى.
والظرف في قوله ﴿إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ﴾ متعلق بمحذوف، ويظهر أن يكون تقديره: فأظهر التفاخر والفرح بما أوتي من الكنوز، ﴿إِذْ قَالَ لَهُ﴾؛ أي: لقارون قومُه؛ أي: المؤمنون من بني إسرائيل على طريق النصيحة، وقال الفراء: هم موسى وحده، فهو جمع أريد به الواحد.
﴿لَا تَفْرَحْ﴾ أي: لا تبطر ولا تأشر بكثرة المال والأولاد، فإن الفرح بالدنيا من حيث إنها دنيا مذموم مطلقًا؛ لأنه نتيجة حبها والرضى بها، والذهول عن ذهابها، فإن العلم بأن ما فيها من اللذة مفارقه لا محالة يوجب الترح (١) حتمًا، ولذا قال تعالى: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ ولم يرخص في الفرح إلا قوله: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ وقوله: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ تعالى، والفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة، وأكثر ما يكون ذلك في اللذات البدنية الدنيوية، والعرب تمدح بترك الفرح عند إقبال الخير، وقال الشاعر:
وَلَسْتُ بِمِفْرَاحٍ إذَا الدَّهْرُ سَرَّنِيْ | وَلَا جَازعٍ مِنْ صَرْفِهِ الْمُتَحَوِّلِ |
أشَدُّ الْغَمِّ عِنْدِيْ فِيْ سُرُوْرٍ | تَيَقَّنَ عَنْهُ صَاحِبُهُ انْتِقَالَا |
ثم علل النهي عن الفرح بكونه مانعًا محبة الله تعالى، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾؛ أي (٢): بزخارف الدنيا، فإن الدنيا مبغوضة عند الله تعالى، وإنما
(٢) روح المعاني.