يحب من يفرح بإقامة العبودية وطلب السعادة الأخروية؛ أي: لا يحب البطرين الأشرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم، قال الزجَّاج: المعنى لا تفرح بالمال، فإن الفرح بالمال لا يؤدي حقه.
وقرىء (١): ﴿الفارحين﴾ حكاه عيسى بن سليمان الحجازي، قال الزجاج: الفرحين والفارحين سعواء، وقال الفراء: معنى الفرحين الذين هم في حال الفرح، والفارحين الذين يفرحون في المستقبل، وقال مجاهد: معنى لا تفرح لا تبغ، إن الله لا يحب الفرحين الباغين، وقيل معناه: لا تبخل إن الله لا يحب الباخلين، وقيل (٢) معناه: أي إنه تعالى لا يُكرم الفرحين بزخارف الدنيا، أو يقربهم من جواره، بل يبغضهم ويبعدهم من حضرته.
٧٧ - ثم نصحوه بعدة نصائح فقالوا:
١ - ﴿وَابْتَغِ﴾؛ أي: واطلب، ﴿فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ﴾؛ أي: فيما أعطاك الله سبحانه وتعالى، لم يقل (٣): با آتاك الله؛ لأنه لم يُرد بمالك، وإنما أراد: وابتغ في حال تملكك، وفي حال قدرتك بالمال والبدن، كما في "كشف الأسرار".
﴿الدَّارَ الْآخِرَةَ﴾؛ أي: ثواب الله فيها، بصرفه إلى ما يكون وسيلة إليه، من مواساة الفقراء، وصلة الأرحام، وفك الأسارى، ونحوها من أبواب الخير (٤)، وقرىء: ﴿واتبع﴾ والمعنى؛ أي: واستعمل ما وهبك من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك، والتقرب إليه بأنواع القربات التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة.
٢ - ﴿وَلَا تَنْسَ﴾؛ أي: لا تترك ترك المنسي ﴿نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ وهو أن تُحصِّل بها آخرتك، أو تأخذ منها ما يكفيك وتُخرج الباقي؛ أي: ولا تترك أن تعمل في الدنيا للآخرة حتى تنجو من العذاب؛ لأن حقيقة نصيب الإنسان من

(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.
(٤) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon