وهربًا من عقابه، وليس بالله إلى فعله حاجة، فهو غني عن جميع خلقه، له الملك وله الأمر، يفعل ما يشاء، ونحو الآية قوله: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ﴾ وقوله: ﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ﴾.
٧ - ثم بيَّن بالتفصيل جزاء المطيع، فقال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ورسوله ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾؛ أي: الطاعات فيما بينهم وبين ربهم ﴿لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ﴾؛ أي: وعزتي وجلالي لنسترن عنهم ﴿سَيِّئَاتِهِمْ﴾ من الشرك والمعاصي بالإيمان والتوبة. ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ﴾ الجزاء على العمل ﴿الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ من الصالحات، فتكفير السيئات في مقابلة الإيمان، والجزاء بالأحسن في مقابلة العمل الصالح، فالمؤمن يدخل الجنة بإيمانه وتكفَّر سيئاته به، فلا يُخلَّد في النار، فحينئذ يكون الجزاء الأحسن غير دخول الجنة، وهو ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فللعبد ثلاثة أمور من أصناف حسناته (١):
١ - عمل قلبه: فهو لا يُرى ولا يسمع، وإنما يُعلَم.
٢ - وعمل لسانه: فهو يُسمع.
٣ - وعمل أعضائه: وهو يُرى. فإذا أتى بهذه الأشياء الثلاثة، يجعل الله لمسموعه ما لا أذن سمعت، ولمرئيِّه ما لا عين رأت، ولعمل قلبه ما لا خطر على قلب بشر.
والمراد نجزينهم أحسن جزاء أعمالهم، بأن نُعطي بواحد عشر أمثاله أو أكثر، لا جزاء أحسن أعمالهم فقط، والمراد بأحسن هنا مجرد الوصف. قيل: لئلا يلزم أن جزاءهم بالحسن مسكوت عنه، وهذا ليس بشيء؛ لأنه من باب الأولى، فإنه إن جازاهم بالأحسن جازاهم بما دونه، فهو من باب التنبيه على الأدنى بالأعلى اهـ. "سمين".
ومعنى الآية (٢): أي والذين آمنوا بالله ورسوله، وصح إيمانهم حين
(٢) المراغي.