فلان فلانًا، يفتنه من باب ضرب خبره وأحرقه، وأصله يقال فتن الصائغ الذهب، أذابه بالبوتقة ليختبره وليميز الجيد من الرديء، ويقال فتنه يفتنه، من باب ضرب أيضًا إذا أعجبه، واستماله وأوقعه في الفتنة.
﴿أَنْ يَسْبِقُونَا﴾ السبق الفوت، والمراد الفوت عن المجازاة، وأصل السبق المتقدم في السير، ثم تجوز به في غيره من المتقدم. ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ﴾ الرجاء: ظن يقتضي حصول ما فيه مسرة، وتفسيره بالخوف؛ لأن الرجاء والخوف متلازمان، ولقاء الله عبارة عن القيامة وعن المصير إليه. ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ﴾ الأجل: عبارة عن غاية زمان ممتد، عينت لأمر من الأمور، وقد يطلق على كل ذلك الزمان، والأول هو الأشهر في الاستعمال.
﴿وَمَنْ جَاهَدَ﴾ والمجاهدة استفراغ الجهد (بالضم)؛ أي: الطاقة في مدافعة العدو. ﴿إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ قال أبو العباس المشتهر بزروق في شرح الأسماء الحسنى: الغني هو الذي لا يحتاج إلى شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، إذ لا يلحقه نقص، ولا يعترضه عارض، ومن عرف أنه الغني استغنى به عن كل شيء، ورجع إليه بكل شيء، وكان له بالافتقار في كل شيء، وللتقرب بهذا الاسم تعلق بإظهار الفاقة والفقر إليه أبدًا، وخاصية هذا الاسم وجود العافية في كل شيء، فمن ذكره على مرض أو بلاءً، أذهبه الله عنه، وفيه سر للغني، ومعنى الاسم الأعظم لمن استأهل به، انتهى.
وفي "الإحياء" يستحب أن يقول بعد صلاة الجمعة: اللهم يا غني يا حميد، يا مبدىء يا معيد، يا رحيم يا ودود، أغني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، فيقال: من داوم على هذا الدعاء، أغناه الله تعالى عن خلقه، ورزقه من حيث لا يحتسب. انتهى.
﴿لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ وتكفير الإثم: ستره وتغطيته حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل، قال بعضهم: التكفير إذهاب السيئة وإبطالها بالحسنة، وسترها وترك العقوبة عليها. ﴿وَوَصَّيْنَا﴾ وصى: يجري مجرى أمر معنًى وتصرفًا غير أنه يُستعمل


الصفحة التالية
Icon