إنا منجوه وأهله إلا امرأته، ثم ننزل عليهم من السماء عذابًا بما اجترحوا من السيئات، واجترموا من الذنوب والآثام، ثم ندعهم عبرةً وآيةً بينةً لقوم يعقلون.
قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما أسلف أنه أهلك من أشرك به بعاجل العقاب، وسيعذبه بشديد العذاب، ولا ينفعه في الدارين معبوده، ولا يجديه ركوعه وسجوده.. أردف هذا بتمثيل حال من اتخذ معبودًا دون الله بحال العنكبوت، وقد اتخذت لها بيتًا لا يريحها إذا هي أوت، ولا يجيرها من حر وبرد إذا هي ثوت، ثم زاد الإنكار توكيدًا، فذكر أن ما يدعونه ليس بشيء، فكيف يتسنى للعاقل أن يترك القادر الحكيم ويشتغل بعبادة من ليس بشيء، ثم أردف هذا ببيان فائدة ضرب الأمثال للناس، وأنه لا يُدرك مغزاها إلا ذوو الألباب الذين يفهمون خبىء الكلام، وظاهره وسره وعلانيته.
ثم ذكر أنه لم يخلق السموات والأرض إلا لحكمة يعلمها المؤمنون، ويدركها المستبصرون، وهي ما أرشد إليها بقوله: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)﴾ وبعد أن أمر سبحانه عباده بما تقدم بيانه، وأظهر الحق ببرهانه، ولم يهتد بذلك المشركون، سلَّى رسوله بأمره بتلاوة كتابه وعبادته تعالى طرفي النهار وزلفًا من الليل، وإرشاده إلى أن الله عليم بما يصنع عباده، وسيجازيهم كفاء ما يعملون من خير وشر.
التفسير وأوجه القراءة
٢٤ - قوله: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ...﴾ إلخ، رجوع (١) إلى خطاب إبراهيم بعد الاعتراض، بما تقدم من خطاب محمد - ﷺ - على قول من قال إن قوله: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ خطاب لمحمد - ﷺ -، وأما على قول من قال: إنه خطاب لإبراهيم عليه السلام، فالكلام في سياقه سابقًا ولاحقًا؛ أي: قال إبراهيم عليه السلام لقومه: اعبدوا الله واتقوه، فما كان جواب قومه آخر الأمر، وهو بالنصب على أنه خبر