الأوثان التي اتخذتموها آلهة مودودة محبوبة بينكم، أو سبب مودةٍ وصلة ولقاء بينكم، واجتماع عندها، أو ما مصدرية؛ أي: إن اتخاذكم أوثانًا مودة وصلة واجتماع بينكم؛ أي: سببها.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ﴿مودةُ بينكم﴾ برفع مودة غير منونة وإضافتها إلى بينكم، وروى عن عاصم (١): ﴿مودةُ﴾ بالرفع أو غير تنوين و ﴿بينَكم﴾ بالفتح؛ أي: بفتح النون جعله مبنيًا لإضافته إلى مبني، وهو في موضع خفض بالإضافة، ولذلك سقط التنوين من مودة.
وقرأ نافع وابن عامر، وأبو بكر عز عاصم بنصب (٢): ﴿مودةً﴾ منونًا ونصب ﴿بينَكم﴾ على الظرفية، والعامل فيه المودة، قال أبي علي: المعنى اتخذتم الأصنام للمودة، وقرأ حمزة وحفص عن عاصم ﴿مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ﴾ بنصب مودة مع إضافته إلى بينكم، وهذا على الاتساع في جعل الظرف اسمًا لما أضيف إليه. قال المفسرون: معنى الكلام إنما اتخذتموها لتتصل المودة بينكم واللقاء والاجتماع في الحياة الدنيا، وأنتم تعلمون أنها لا تنفع ولا تضر.
٢٦ - والفاء في قوله: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ﴾ عاطفة على محذوف تقديره: فكذبه قومه فآمن له، أي: لإبراهيم لوط. يقال: آمن له وآمن به متقارب في المعنى. قال (٣) ابن إسحاق: أول من آمن بإبراهيم لوط، وكان ابن أخيه هاران، وآمنت به سارة، وكانت بنت عمه.
والمعنى (٤): صدَّقه في جميع مقالاته لا في نبوته وما دعا إليه أو التوحيد فقط، فإن كان منزهًا عز الكفر؛ لأن الأنبياء لا يتصور فيهم الكفر، وما قيل: هذه آمن له حين رأى النار، تحرقه، ينبغي أو يُحمل على ما ذكرنا، أو على أنه يراد بالإيمان الرتبة العالية منه، وهي التي لا يرتقي إليها إلا همم الأفراد.
أي: فقال لوط لإبراهيم: صدقتك يا إبراهيم. ﴿وَقَالَ﴾ إبراهيم للوط
(٢) زاد المسير.
(٣) القرطبي.
(٤) روح البيان.