مشتهر بالتوحيد فأمروا به، اهـ.
٣٧ - ثم ذكر ما أعقب هذا النصح فقال: ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾؛ أي: فكذبوا شعيبًا فيما جاءهم به من عند ربهم، ولم يمتنعوا من الفساد.
فإن قيل (١): كيف يكذب شعيب في قوله: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا﴾ مع أنه لا يكذب الآمر ولا الناهي، وإنما يكذب المخبر لكون الكذب معناه: عدم مطابقة الخبر للواقع؟
قلنا: ما ذكره من الأمر والنهي يتضمن جملًا إخباريةً، فكأنه قال: الله واحد فاعبدوه، والحشر كائن فارجوه، والفساد محرم فلا تقربوه، فالتكذيب يرجع إلى الإخبارات الضمنية. اهـ زاده.
﴿فَأَخَذَتْهُمُ﴾ أي: أهلكتهم ﴿الرَّجْفَةُ﴾ الزلزلة الشديدة حتى تهدمت عليهم دورهم، فإن قيل (٢): قال هنا وفي الأعراف: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ وفي هود ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾؛ أي: صيحة جبريل، فإنها الموجبة للرجفة بسبب تمويجها للهواء وما يجاوره من الأرض، والقصة واحدة؟ قلنا: يجوز أن يجتمع على إهلاكهم سببان الزلزلة والصيحة، وقيل: لا معارضة؛ لأن المعنى: إن جبريل صاح فتزلزلت الأرض من صيحته، فرجفت في قلوبهم، والإضافة إلى السبب لا تنافي الإضافة إلى سبب السبب. اهـ. "زاده".
﴿فَأَصْبَحُوا﴾؛ أي: صاروا ﴿فِي دِيَارِهِمْ﴾؛ أي: في بلدهم أو في منازلهم، ولم يجمع (٣) هنا بأن يقال في ديارهم لأمن اللبس ﴿جَاثِمِينَ﴾؛ أي: باركين على الركب، ميِّتين مستقبلين بوجوههم الأرض؛ أي: فصاروا في مجمعهم ميِّتين لا يتحركون، وذلك بسبب عدم استماعهم إلى داعي الحق، وتزلزل باطنهم، فالجزاء من جنس العمل، وقد تقدمت هذه القصة مبسوطة في هذه السور الأعراف وهود والشعراء.

(١) زادة.
(٢) زادة.
(٣) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon