كنهها، ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾ والصور هو: القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل - عليه السلام - للموت والحشر.
﴿فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ والفزع: انقباض ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخوف، ولا يقال: فزعت من الله، كما يقال: خفت منه، والمراد بالفزع هنا ما يعتري الكل مؤمنًا وكافرًا عند البعث والنشور، بمشاهدة الأمور الهائلة الخارقة للعادات في الأنفس والآفاق، من الرعب والتهيب الضروريِّين الجِبْليِّين، ﴿دَاخِرِينَ﴾؛ أي: أذلاء صاغرين، وفي "القاموس": دخر الشخص كمنع وفرح دخرًا ودخورًا صغر وذل، وأدخرته بالألف للتعدية، ويقال: أدخرته فدخر؛ أي: أذللته فذل.
﴿تَحْسَبُهَا جَامِدَةً﴾؛ أي: ثابتة في أماكنها، من جمد الماء وكل سائل قام وثبت ضد ذاب. ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ والصنع: إجادة الفعل فكل صنع فعل، وليس كل فعل صنعًا، ولا يُنسب إلى الحيوانات كما يُنسب إليها الفعل كما في "المفردات"، والإتقان: الإتيان بالشيء على أكمل حالاته، وهو مأخوذ من قولهم: تقن أرضه إذا ساق إليها الماء الخاثر بالطين لتصلح للزراعة، وأرض تقنة، والتقن فعل ذلك بها، والتقن أيضًا ما رُمي به في الغدير من ذلك أو الأرض، ويقال: أتقن الشيء إذا أحكمه، يقال: رجل تقن، بكسر التاء وسكون القاف؛ أي: حاذق بالأشياء.
﴿فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾ أي: ألقيت منكوسة، والكب إسقاط الشيء على وجهه، ﴿أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ﴾ والعبادة هي غاية التذلل والخضوع، والبلد: المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه، وإقامتهم فيه، ولاعتبار الأثر قيل: بلدة؛ أي: أثر.
﴿الَّذِي حَرَّمَهَا﴾؛ أي: جعلها حرامًا؛ أي: ممنوعًا منه، ﴿وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ﴾ والتلاوة قراءة القرآن متتابعة كالدراسة والأوراد الموظفة، والقراءة أعم، يقال: تلاه تبعه متابعة ليس بينهما ما ليس منهما.