حاضر في علم الله تعالى، والظاهر أن الكتاب هو القرآن، وقيل: اللوح المحفوظ؛ أي (١): إن آيات هذه السورة آيات الكتاب الذي بيَّن بفصاحته أنه من كلام الله، وبين صدق نبوة محمد ص، وبين خبر الأولين والآخرين، وبين الحلال والحرام، والوعد والوعيد، والإخلاص والتوحيد، وبين كيفية التخلص من شبهات أهل الضلال.
والخلاصة (٢): أي هذه آيات الكتاب الكريم الذي أنزلته إليك أيها الرسول واضحًا جليًا، كاشفًا لأمور الدين وأخبار الأولين، لم تتقوَّله، ولم تتخرَّصه، كما زعم المشركون المنكرون له ولرسالة مَنْ أوحي إليه.
٣ - ثم ذكر ها هو الدليل على أنه وحي يوحى، وليس هو من وضع البشر فقال: ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ﴾؛ أي: نقرأ عليك يا محمد بواسطة جبريل ﴿مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ﴾؛ أي: بعض خبر موسى وفرعون، حال كون ذلك الخبر متلبسًا ﴿بِالْحَقِّ﴾ والصدق الذي لا كذب فيه، فهو حال من النبأ أو حالة كوننا متلبسين بالحق، فهو حال من فاعل ﴿نَتْلُو﴾، ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾؛ أي: لأجل قوم يصدقون بك وبالقرآن، وتخصيصهم بذلك مع عموم الدعوة والبيان للكل؛ لأنهم المنتفعون به.
والمعنى (٣): أي نتلو عليك بعض أخبار موسى ومحاجته لفرعون وغلبته إياه بالحجة، وأخبار فرعون وجبروته وطغيانه، وكيف قابل الحق بالباطل، ولم تُجْدِ معه البراهين الساطعة والمعجزات الواضحة، فأخذناه أخذ عزيز مقتدر، فكانت عاقبته الدمار والوبال، وأُغرق هوهومن معه من جنده أجمعين، نتلوها عليك تلاوة على وجه الحق، كأنك شاهد حوادثها، مبصر وقائعها، تصف ما ترى وتُبصر عيانًا لقوم يصدقون بك وبكتابك، لتطمئن به قلوبهم، وتثلج به صدورهم، ويعلموا أنه الحق من ربهم، وأن سنته فيمن خالفك وعاداك من المشركين هي

(١) المراح.
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon