التمكين أن تجعل لشيء مكانًا يتمكن فيه، ثم استُعير للتسليط، كما سيأتي في مبحث البلاغة؛ أي: نجعلهم مقتدرين عليها وعلى أهلها، مسلطين على ذلك يتصرفون به كيف شاؤوا. وقرأ الجمهور (١): ﴿نُمَكِّنَ﴾ بدون لام عطفًا على نمن، وقرأ الأعمش ﴿ولنمكن﴾ بلام كي؛ أي: وأردنا ذلك لنمكن أو ولنمكن فعلنا ذلك.
﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ﴾ رؤية بصرية، وقرأ الجمهور (٢): ﴿ونُري﴾ بالنون المضمومة وكسر الراء مضارع أرى الرباعي، وبنصب ما بعده على أن الفاعل هو الله سبحانه، وقرأ عبد الله وحمزة والكسائي والأعمش وخلف: ﴿ويرى﴾ بفتح الياء والراء مضارع رأى الثلاثي، والفاعل فرعون، وما بعده، والقراءة الأولى ألصق بالسياق؛ لأن قبلها نريد، ونجعل ونمكن بالنون، وأجاز الفراء: ﴿ويري﴾ فرعون بضم الياء التحتية وكسر الراء؛ أي: ويُري الله فرعون.
﴿وَهَامَانَ﴾ وزير فرعون وأحد رجاله، وذُكر لنباهته في قومه، ومحله من الكفر، ألا ترى إلى قوله: ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾، ﴿وَجُنُودَهُمَا﴾ أي: عساكرهما، وإضافة الجنود إليهما إما للتغليب، أو أنه كان لهامان جنود مخصوصة به، وإن كان وزيرًا، أو لأن جند السلطان جند لوزيره اهـ "شهاب".
﴿مِنْهُمْ﴾؛ أي: من أولئك المستضعفين ﴿مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾؛ أي: ما كان فرعون وهامان وجنودهما يخافونه من المستضعفين، ويجتهدون في دفعه، من ذهاب ملكهم، وهلاكهم على يد مولود من بني إسرائيل، والموصول هو المفعول الثاني على القراءة الأولى، والمفعول الأول على القراءة الثانية، والمعنى: أن الله يريهم، أو يرونهم الذي كانوا يحذرون منه ويجتهدون في دفعه، من ذهاب ملكهم، وهلاكهم على يد المولود من بني إسرائيل المستضعفين.
والخلاصة (٣): أي ونري أولئك الأقوياء والأعداء الألداء على أيدي بني

(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon