وَالْأَرْضُ} أي: قيامهما واستمرارهما على ما هما عليه من الهيئات، إلى الأجل المقدر لقيامهما، وهو يوم القيامة ﴿بِأَمْرِهِ﴾ أي: بإرادته وقدرته سبحانه، بلا عمد يعمدهما، ولا مستقرٍ يستقران عليه، والتعبير (١) عن الإرادة بالأمر، للدلالة على كمال القدرة، والغنى عن المبادىء والأسباب، والأمر: لفظ عام للأفعال والأقوال كلها، كما في "المفردات".
﴿ثُمَّ﴾ بعد موتكم ومصيركم في القبور ﴿إِذَا دَعَاكُمْ﴾ وناداكم أيها العباد، ﴿دَعْوَةً﴾ واحدةً بالنفخة الأخيرة ﴿مِنَ الْأَرْضِ﴾ متعلق بدعاكم؛ أي: دعاكم من الأرض التي أنتم فيها، كما يقال: دعوته من أسفل الوادي، فطلع إلى، ولا يجوز أن يتعلق بـ ﴿تَخْرُجُونَ﴾ لأن ما بعد إذا، لا يعمل فيما قبلها.
والمعنى: ثم إذا دعاكم بعد انقضاء الأجل، وأنتم في قبوركم دعوةً واحدةً، بأن قال: أيها الموتى أخرجوا، والداعي في الحقيقة هو إسرافيل - عليه السلام - فإنه كما قيل: يدعو الخلق على صخرة بيت المقدس، حين ينفخ النفخة الأخيرة من النفختين.
﴿إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ من الأرض. إذا للمفاجأة، ولذلك ناب مناب الفاء في الجواب، فإنهما يشتركان في إفادة التعقيب، أي: فاجأتم الخروج منها بلا توقف ولا إباء، وذلك لقوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ﴾.
وقال الزمخشري (٢): قوله: ﴿إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً﴾ بمنزلة قوله: ﴿يُرِيكُمُ﴾ في إيقاع الجملة موقع المفرد على المعنى، كأنه قال: ومن آياته قيام السماوات والأرض، ثم خروج الموتى من البور إذا دعاهم دعوةً واحدةً، يا أهل القبور اخرجوا، وإنما عطف هذا على قيام السماوات والأرض بـ ﴿ثُمَّ﴾ بيانًا لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله، وهو أن يقول: يا أهل القبور قوموا، فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر، انتهى.
(٢) الكشاف.