الإقبال على دين الإِسلام والثبات عليه، والوجه في الأصل: الجارحة المخصوصة، سميت وجهًا لأن بها تحصل المواجهة، وقد يعبر به عن الذات، كما في قوله: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ﴾ وهذا المعنى هو المراد هنا، والدين: في الأصل الطاعة والجزاء، واستعير هنا للشريعة، والفرق بينه وبين الملة اعتباري، فإن الشريعة من حيث إنها يطاع لها وينقاد: دين، ومن حيث إنها تملى وتكتب: ملة، والإملاء: كالإملال، هو حكاية القول لمن يكتبه.
﴿حَنِيفًا﴾: وفي "المفردات" الحنف: ميل عن الضلال إلى الاستقامة، وتحنف فلان: تحرى طريق الاستقامة، وسمت العرب كل من اختتن أو حج: حنيفًا، تنبيهًا على أنه على دين إبراهيم - عليه السلام -.
﴿فِطْرَتَ اللَّهِ﴾ والفطرة: الخلقة وزنًا ومعنًى، وقولهم: صدقة الفطرة؛ أي: صدقة إنسانٍ مفطورٍ؛ أي: مخلوق فيؤول إلى قولهم: زكاة الرأس، والمراد بالفطرة هاهنا: هي الحالة التي خلق الله الناس عليها، من القابلية للتوحيد ودين الإِسلام، والتهيؤ لإدراكه عن غير إباء عنه وإنكار له. قال الراغب: فطرة الله ما فطر؛ أي: أبدع وركز في الناس من قوتهم على معرفة الإيمان.
﴿لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾: هو فطرته المذكورة أولًا.
﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾؛ أي: المستوي الذي لا عوج فيه ولا انحراف.
﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾: هو من أناب الرباعي إذا رجع مرةً بعد أخرى، ويقال: ناب نوبةً ونوبًا: إذا رجع مرة بعد أخرى؛ أي: راجعين إليه بالتوبة وإخلاص العمل.
﴿وَكَانُوا شِيَعًا﴾؛ أي: فرقًا تشايع كل فرقة إمامها الذي مهد لها دينها. وقرره ووضع أصوله.
﴿كُلُّ حِزْبٍ﴾: الحزب: الجماعة من الناس، والسلاح، وجند الرجل، وأصحابه الذين على رأيه، والنصيب والقسم من القرآن أو غيره، والجمع أحزاب، وكل قوم تشاكلت قلوبهم وأعمالهم فهم أحزاب، وإن لم يلق بعضهم بعضًا.


الصفحة التالية
Icon