﴿يَصَّدَّعُونَ﴾: أصله يتصدعون، فأدغمت التاء في الصاد وشددت، والصدع: الشق في الأجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما، ومنه استعير صدع الأمر؛ أي: فصله، والصداع وهو: الانشقاق في الرأس من الوجع، ومنه الصديع للفجر؛ لأنه ينشق من الليل، والمعنى: يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السعير، وفي "المصباح": صدعته صدعًا من باب نفع، شققته فانصدع، وصدعت القوم صدعًا فتصدعوا، أي فرقتهم فتفرقوا، وقوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾، قيل: مأخوذ من هذا؛ أي: شق جماعاتهم بالتوحيد، وقيل: افرق بذلك بين الحق والباطل. وقيل: أظهر ذلك، وصدعت بالحق تكلمت به جهارًا، وصدعت الفلاة: قطعتها. اهـ.
﴿يَمْهَدُونَ﴾: وفي "المختار": ومهد الفراش بسطه ووطأهُ. اهـ؛ أي: يتخذون ويهيئون منازلهم، ولتسببهم في تهيئة المنازل لهم وتمهيدها واتخاذها نسب إليه. اهـ. "شيخنا".
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الطباق بين قوله: ﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ وبين ﴿يَبْسُطُ﴾، ﴿وَيَقْدِرُ﴾ وبين ﴿يُمِيتُكُمْ﴾، و ﴿يُحْيِيكُمْ﴾، وبين ﴿يَبدَؤُا﴾، و ﴿يُعِيدُهُ﴾.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ﴾ وقوله: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ﴾ وفي قوله: ﴿تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾.
ومنها: التشبيه في قوله: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾.
ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: ﴿بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ للتسجيل عليهم بوصف الظلم؛ أي: بأنهم في ذلك الاتباع ظالمون، وفيه أيضًا الالتفات من الخطاب إلى الغيبة إهانةً لهم، وإيذانًا بأنهم لا يتسحقون الخطاب.