تعالى ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)﴾: لن يغلب عسر يسرين، هكذا حققه الإِمام الراغب، وتبعه أجلاء المفسرين، وهو الموافق للقاعدة المشهورة عندهم، التي نظمها السيوطي في "عقود الجمان" بقوله:
ثُمَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُشْتَهِرَه | إِذَا أَتَتْ نَكِرَةً مُكَرَّرَه |
تَغَايَرَتْ وَإِنْ يُعَرِّفْ ثَانِيْ | تَوَافَقَا كَذَا الْمُعَرَّفَانِ |
والخلاصة: أن تنقل الإنسان في أطوار الخلق، حالًا بعد حال، من ضعف إلى قوة، ثم من قوة إلى ضعف، دليل على قدرة الخالق الفعال لما يشاء، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يعجزه أن يعيدكم مرة أخرى.
﴿يَخْلُقُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿مَا يَشَاءُ﴾ من ضعفٍ وقوةٍ وشبابٍ وشيبةٍ؛ أي: يخلق الأشياء كلها، التي من جملتها الضعف والقوة والشباب والشيبة، فليس هذا كله طبعًا، بل بمشيئة الله سبحانه وتعالى ﴿وَهُوَ﴾ سبحانه ﴿الْعَلِيمُ﴾ بتدبير خلقه ﴿الْقَدِيرُ﴾ على ما يشاء، لا يمتنع عليه شيء أراده، وهو كما يفعل هذا، قادر على أن يميت خلقه ويحييهم إذا شاء.
فائدة: فإن قلت (٢): كيف قال: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ﴾ مع أن الضعف صفة ومعنى من المعاني، والمخاطبون لم يخلقوا من صفة، بل من عين وهي الماء، أو التراب؟
قلت: المراد بالضعف: الضعيف، من إطلاق المصدر على اسم الفاعل،
(١) المراغي.
(٢) فتح الرحمن.
(٢) فتح الرحمن.