البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنوعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: أسلوب الإطناب في قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ الآية. وذلك لتعداد النعم الكثيرة، وكان يكفي أن يقول: ﴿لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ ولكنه أسهب تذكيرًا للعباد بالنعم.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ لأنه مجاز مرسل علاقته الحالية، لأن الرحمة تحل في الخصب والمطر، فأطلق الحال وأريد المحل، وفسر بعضهم الرحمة بقوله؛ أي: من نعمته من المياه العذبة والأشجار الرطبة وصحة الأبدان وما يتبع ذلك من أمور لا يحصيها إلا الله.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا﴾.
ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: ﴿فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا﴾ حذف منه فكذبوهم واستهزؤوا بهم.
ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا﴾ لأن مقتضى السياق أن يقال: فانتقمنا منهم، فوضع الموصول الذي هو من قبيل الظاهر، موضع الضمير، للتنبيه على مكان المحذوف، وللإشعار بكونه علة للانتقام.
ومنها: المجاز العقلي في قوله: ﴿فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾ فأسند الإثارة إلى الرياح، مع أن المثير حقيقة هو الله تعالى؛ لأنه سببها، والفعل قد ينسب إلى سببه، كما ينسب إلى فاعله. اهـ. "روح".
ومنها: التكرار في قوله: ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ للتأكيد، والدلالة على تطاول عهدهم بالمطر، واستحكام يأسهم منه.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: ﴿بَعْدَ مَوْتِهَا﴾؛ أي: بعد


الصفحة التالية
Icon