المناسبة: مناسبتها لما قبلها من وجوه (١):
١ - أنه تعالى قال في السورة السالفة: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ وأشار إلى ذلك في مُفْتَحِ هذه السورة بقوله: ﴿الم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (٢)﴾.
٢ - أنه قال في آخر ما قبلها: ﴿وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ﴾ وقال في هذه: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا﴾.
٣ - أنه قال في السورة السالفة: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ وقال في هذه: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ ففي كلتيهما إفادة سهولة البعث.
٤ - أنه ذكر في السابقة قوله: ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣)﴾. وقال في هذه: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾، فذكر في كل من الآيتين قسمًا لم يذكره في الآخر.
٥ - أنه ذكر في السورة التي قبلها محاربة ملكين عظيمين لأجل الدنيا، وذكر في هذه السورة قصة عبد مملوك زهد في الدنيا، وأوصى ابنه بالصبر والمسالمة، وذلك يقتضي ترك المحاربة، وبين الأمرين التقابل، وشاسع البون، كما لا يخفى.
الناسخ والمنسوخ منها: وجميع (٢) هذه السورة محكم، إلا آيةً واحدة وهي قوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ﴾ الآية (٢٣).
سبب نزولها: سبب نزول هذه السورة إلا ما استثني منها (٣): أن قريشًا سألت النبي - ﷺ - عن قصة لقمان مع ابنه، وعن بره والديه، فنزلت: وأما
(٢) ابن حزم.
(٣) المراغي.