بآياتنا، ويبخس حقها، ويردها إلا المعتدون المكابرون، الذين يعلمون الحق ويحيدون عنه، ونحو الآية قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٩٧)﴾.
وإنما قال أولًا: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ﴾ وثانيًا: ﴿إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ وثالثًا: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ﴾ مع أن المراد بكل من الثلاثة: اليهود والمشركون، للتفتن وتسجيلًا عليهم باسم كل من الثلاثة.
٥٠ - ﴿وَقَالُوا﴾؛ أي: قال كفار قريش ﴿لَوْلَا﴾ تحضيضية بمعنى هلا؛ أي: هلا ﴿أُنْزِلَ عَلَيْهِ﴾ أي: على محمد ﴿آيَاتٌ﴾ تكوينية ﴿مِنْ﴾ عند ﴿رَبِّهِ﴾ سبحانه؛ أي: آيات كآيات الأنبياء قبله، وذلك كعصا موسى ويده، وناقة صالح، ومائدة عيسى - عليهم السلام -.
وقرأ (١) نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص: ﴿آيَاتٌ﴾ بالجمع، واختار هذه القراءة أبو عبيد، لقوله بعد: ﴿قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ﴾ وقرأ ابن كثير، وأبو بكر، وحمزة والكسائي: ﴿آية من ربه﴾ بالإفراد.
﴿قُلْ﴾ لهم يا محمد ﴿إِنَّمَا الْآيَاتُ﴾؛ أي: إنما أمرها وشأنها ﴿عِنْدَ اللهِ﴾ سبحانه؛ أي: في قدرته وحكمه، ينزلها على من يشاء من عباده، ولا قدرة لأحد على إنزالها، فليس بيدي شيء من أمرها فآتيكم بما تقترحونه ﴿وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ﴾؛ أي: ما أنا إلا مخوف لكم من عذاب الله سبجانه ﴿مُبِينٌ﴾ أي: بين الإنذار والتخويف، أنذركم كما أمرت، وأبين لكم كما ينبغي، ليس قدرتي غير ذلك؛ أي: ليس (٢) من شأني إلا الإنذار والتخويف من عذاب الله، بما أعطيت من الآيات.
قال في "كشف الأسرار": والحكمة في ترك إجابة النبي - ﷺ - إلى الآيات المقترحة: أنه يؤدي إلى ما لا يتناهى؛ وأن هؤلاء طلبوا آيات تضطرهم إلى الإيمان، فلو أجابهم إليها، ولم يؤمنوا.. لاستؤصلوا، وعذاب الاستئصال مرفوع عن هذه الأمة ببركة النبي - ﷺ -.
(٢) روح البيان.