﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ﴾؛ أي: صنف.
﴿كَرِيمٍ﴾؛ أي: كثير المنفعة، قال في "المفردات": وكل شيء يشرف في بابه، فإنه يوصف بالكرم.
واعلم: وفقنا الله تعالى جميعًا للتفكر في عجائب صنعه، وغرائب قدرته، أن عقول العقلاء، وأفهام الأذكياء قاصرة متحيرة في أمر النباتات والأشجار، وعجائبها وخواصها وفوائدها ومضارها ومنافعها، وكيف لا؟ وأنت تشاهد اختلاف أشكالها، وتباين ألوانها، وعجائب صور أوراقها، وروائح أزهارها، وكل لون من ألوانها ينقسم إلى أقسام، كالحمرة مثلًا كوردي وأرجواني وسوسني وشقائق وخمري وعنابي وعقيقي ودموي، ولكي وغير ذلك، مع اشتراك الكل في الحمرة، ثم عجائب روائحها ومخالفة بعضها بعضًا، واشتراك الكل في طيب الرائحة، وعجائب أشكال أثمارها وحبوبها وأوراقها، ولكل لون وريح وطعم وورقٍ وثمرة وزهر وحب خاصية لا تشبه الأخرى، ولا يعلم حقيقة الحكمة فيها إلا الله تعالى، والذي يعرف الإنسان من ذلك بالنسبة إلى ما لا يعرفه كقطرة من بحر.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ قال الراغب: الحكمة: إصابة الحق بالعلم والعمل، فالحكمة من الله تعالى معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الأحكام، ومن الإنسان معرفة الموجودات على ما هي عليه، وفعل الخيرات، وهذا هو الذي وصف به لقمان في هذه الآية.
﴿وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ والوعظ: زجر يقترن بتخويفٍ، وقال الخليل: هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب، والاسم: العظة والموعظة.
﴿يَا بُنَيَّ﴾: بالتصغير والإضافة إلى ياء المتكلم بالفتح والكسر، وتقدم البحث عن إعرابه، وأصله في سورة يوسف، فراجعه.
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ﴾؛ أي: أمرناه، يقال: وصيت زيدًا بعمرو: أمرته بتعهده ومراعاته.


الصفحة التالية
Icon