قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر دلائل التوحيد على ضروب مختلفة، وأشكال متنوعة.. أمر بتقوى الله على سبيل الموعظة والتذكير بيوم عظيم، يوم يحكم الله بين عباده، يوم لا تنفع فيه قرابة، ولا تجدي فيه صلة رحم، فلو أراد والد أن يفدي ابنه بنفسه لما قبل منه ذلك، وهكذا الابن مع أبيه، فلا تلهينكم الدنيا عن الدار الآخرة، ولا يغرنكم الشيطان فيزينن لكم بوساوسه المعاصي والآثام. ثم ختم السورة بذكر ما استأثر الله بعلمه مما في الكائنات، وهي الخمس التي اشتملت عليها الآية الكريمة، مما لم يؤت علمها ملك مقرب، ولا نبي مرسل.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما أخرجه ابن جرير عن عكرمة قال: سأل أهل الكتاب رسول الله - ﷺ - عن الروح، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)﴾ فقالوا: تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلًا وقد أوتينا التوراة وهي الحكمة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، فنزلت: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ...﴾ الآية.
وأخرج ابن إسحاق عن عطاء بن يسار قال: نزلت بمكة: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ فلما هاجر النبي - ﷺ - إلى المدينة.. أتاه أحبار اليهود فقالوا: ألم يبلغنا عنك أنك تقول: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ إيانا تريد أم قومك؟ فقال: "كلًّا عنيت"، قالوا: فإنك تتلو أنا قد أوتينا التوراة، وفيها تبيان كل شيء، فقال رسول الله - ﷺ -: "هي في علم الله قليل"، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ﴾.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية:

(١) لباب النقول.


الصفحة التالية
Icon