﴿بحر﴾: مبتدأ، وهو نكرة، وذكروا في مسوغات الابتداء بالنكرة: تقدم واو الحال عليها، كقوله:

سَرَيْنَا وَنَجْمٌ قَدْ أَضَاءَ فَمُذْ بَدَا مُحَيَّاكَ أَخْفَى ضَوْؤُهُ كُلَّ شَاِرقِ
وقرأ الجمهور: ﴿يمده﴾ بالياء من مد الثلاثي، وابن مسعود وابن عباس: بتاء التأنيث، من مد أيضًا، وقرأ عبد الله أيضًا والحسن وابن مطرف وابن هرمز: بالياء من تحت، من أمد الرباعي، وقرأ جعفر بن محمد: ﴿والبحر مداده﴾؛ أي: يكتب به من السواد، وقال ابن عطية: هو مصدر. انتهى.
وقال أبو حيان: وفي الكلام جملة محذوفة يدل عليها المعنى، تقديرها: وكتب بها الكتَّاب كلمات الله ما نفذت.
والمعنى: ولو أن أشجار الأرض أقلام، والبحر ممدود بسبعة أبحر، وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله.. ما نفدت، ونفدت الأقلام والمداد الذي في البحر وما يمده. انتهى.
﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿عَزِيزٌ﴾؛ أي: غالب لا يعجزه شيء، قد عز كل شيء وقهره، فلا مانع لما أراد، ولا معقب لحكمه، ﴿حَكِيمٌ﴾ في خلقه وأمره وأقواله وأفعاله وشرعه وجميع شؤونه، لا يخرج عن علمه وحكمته أمر، فلا تنفد كلماته المؤسسة عليها.
فائدة: وقال بعضهم (١): وخاصية الاسم العزيز: وجود الغنى والعز صورةً ومعنًى، فمن ذكره أربعين يومًا في كل يوم أربعين مرة.. أغناه الله وأعزه، فلم يحوجه إلى أحد من خلقه، وخاصية الاسم الحكيم: دفع الدواهي وفتح باب الحكمة، من أكثر ذكره.. صرف عنه ما يخشاه من الدواهي وفتح له بابًا من الحكمة. انتهى.
٢٨ - ثم أبان أن هذا الخلق الذي لا حصر له محيط به علمًا، ولا يعجزه شيء
(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon