هواها وتمنى على الله المغفرة"، ونعم ما قيل:
إِنَّ السَّفِيْنَةَ لَا تَجْرِيْ عَلَى الْيَبَسِ
فلا بد من الأعمال الصالحة، فإن بها النجاة، وبها يلتحق الأواخر الأوائل.
ففي الآية حسم لمادة الطمع في الانتفاع بالغير من إهمال الإِسلام أو الطاعات، اعتمادًا على صلاح الغير، فإن يوم القيامة يوم عظيم، لا ينفع فيه من له اتصال الولادة، فما ظنك بما سواها، ويشتغل كل أحد بنفسه، إلا من رحمة الله تعالى، وعن كعب الأحبار: تقول امرأة من هذه الأمة لولدها يوم القيامة يا ولدي، أما كان لك بطني وعاءً، وحجري وطاءً، وثديي سقاءً، فاحمل عني واحدًا فقد أثقلتني ذنونبي، فيقول: هيهات يا أماه، كل نفس بما كسبت رهينة، فإذا حملت عنك فمن يحمل عني.
وقرأ ابن أبي إسحاق وابن أبي عبلة ويعقوب: ﴿فلا تغرنكم﴾ بالنون الخفيفة وقرأ سماك بن حرب وأبو حيوة ﴿الغرور﴾ بالضم، وهو مصدر، والجمهور: بالفتح، صيغة مبالغة، ويمكن حمل قراءة الضم عليه مبالغة في جعل الشيطان نفس المصدر، على حد زيد عدل.
فائدة: قال بعضهم (١): لا ينبغي للمؤمن أن يتطير ويعد نفسه من الأشقياء، فيتكاسل في العمل، بل ينبغي له أن يحسن الظن بالله تعالى، ويجاهد في طريقه، فإن للاعتقاد تأثيرًا بليغًا، وقد وعد الله سبحانه، ووعد الشيطان، ووعد الله تعالى صدق محض؛ لأنه هو الولي، ووعد الشيطان كذب محض، لأنه هو العدو، فالإصغاء لكلام الولي خير من استماع كلام العدو، فلا تغتر بتغرير الشيطان والنفس، ولا بالحياة الدنيا، فإن دولتها ذاهبة، وزينتها زائلة، وليس لها لأحدٍ وفاء.

(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon