قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ...﴾ مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الرسالة بقوله: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ والوحدانية بقوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ إلخ.. أردف ذلك ذكر البعث، واستبعاد المشركين له، ثم الرد عليهم.
قوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما أثبت (١) البعث والرجوع إليه.. بين حال المشركين حين معاينة العذاب، ووقوفهم بين يدي الله تعالى أذلاء ناكسي رؤوسهم من الحياء والخجل، طالبي الرجوع إلى الدنيا لتحسين أعمالهم، ثم بين أنه لا سبيل إلى العودة؛ لأنهم لو ردوا لعادوا إلى ما نهوا عنه، وأنه قد ثبت في قضائه، وسبق في وعيده: أن جنهم تمتلىء من الجِنة والناس، ممن ساءت أعمالهم، وقبحت أفعالهم، فلا يصلحون لدخول الجنة، ويقال لهم: ذوقوا عذاب النار، جزاء ما عملتم في الدنيا، وقد نسيتم لقاء ربكم، فجازاكم بفعالكم، وجعلكم كالمنسيين من رحمته.
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر علامة أهل الكفر، من طأطأة الرؤوس خجلًا وحياءً مما صنعوا في الدنيا، وذكر ما يلاقون من العذاب المهين يوم القيامة.. عطف على ذلك ذكر علامة أهل الإيمان، من تذللهم لربهم، وتسبيحهم بحمده، ومجافاة جنوبهم للمضاجع، يدعون ربهم خوفًا وطمعًا، ثم أردفه ذكر ما يلاقون من نعيم مقيم، وقرة أعين، جزاءً لهم على جميل أعمالهم، ومحاسن أقوالهم.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ...﴾ الآية، سبب نزولها (٢): ما أخرجه
(٢) لباب النقول.