مئة سنة، ويعرج في مسيرة خمس مئة سنة، فهو مقدار ألف سنة.
والمراد (١) بالألف على القول الأول الأرجح: الزمن المتطاول، وليس المقصود منه حقيقة العدد، إذ هو عند العرب منتهى المراتب العددية، وأقصى غاياتها، وليس هناك مرتبة فوقه، إلا ما يتفرع منه من أعداد مراتبها. قال القرطبي: المعنى: إن الله تعالى جعله في صعوبته على الكفار كخمسين ألف سنة، قاله ابن عباس، والعرب تصف أيام المكروه بالطول، وأيام السرور بالقصر.
وخلاصة معنى الآية على ما اختاره بعضهم - وهو الظاهر - أي (٢): يدبر الله سبحانه وتعالى أمر الدنيا مدة أيام الدنيا، فينزل القضاء والقدر من السماء إلى الأرض، ثم يعود الأمر والتدبير إليه تعالى حين ينقطع أمر الأمراء، وحكم الحكام، وينفرد الله بالأمر في يوم؛ أي: يوم القيامة، كان مقداره ألف سنة؛ لأن يومًا من أيام الآخرة مثل ألف سنة من أيام الدنيا، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ﴾ فمعنى خمسين ألف سنة على هذا: أنه يشتد على الكافرين، حتى يكون كخمسين ألف سنة في الطول، ويسهل على المؤمنين، حتى يكون كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا، فقيامة كل واحد على حسب ما يليق بمعاملته، ففي الحشر مواقف ومواطن بحسب الأشخاص من جهة الأعمال والأحوال والمقامات.
وقد اختلف العلماء في تفسسير الآية على وجوه شتى، ضربنا عن ذكرها صفحًا؛ لأنه لا طائل تحتها، هذا ما سنح لي والعلم عند الله العلي.
وقرأ ابن أبي عبلة: ﴿يَعْرُجُ﴾ بالبناء للمفعول، والجمهور: مبنيًا للفاعل، وقرأ الجمهور (٣): ﴿مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ بتاء الخطاب، وقرأ السلمي وابن وثاب والأعمش والحسن: بياء الغيبة بخلاف عن الحسن، وقرأ جناح بن حبيش: {ثُمَّ
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.