خلقه الذي خصه به، وقيل على تضمينه معنى ألهم، قال الفراء: ألهم خلقه كل شيء مما يحتاجون إليه.
الرابع: أنه منصوب على المصدر المؤكد لمضمون الجملة؛ أي: خلقه خلقًا، كقوله: صنع الله، وهذا قول سيبويه، والضمير يعود إلى الله سبحانه.
والخامس: أنه منصوب بنزع الخافض، والمعنى: أحسن كل شيء في خلقه.
ومعنى الآية: أنه أتقن وأحكم خلق مخلوقاته، فبعض المخلوقات وإن لم تكن حسنة في نفسها، فهي متقنة محكمة، فتكون هذه الآية معناها: معنى أعطى كل شيء خلقه؛ أي: لم يخلق الإنسان على خلق البهيمة، ولم يخلق البهيمة على خلق الإنسان، وقيل: هو عام في اللفظ خاص في المعنى؛ أي: أحسن خلق كل شيء حسن، ذكره الشوكاني.
قال بعضهم (١): لو تصورت مثلًا أن للفيل مثل رأس الجمل، وأن للأرنب مثل رأس الأسد، وأن للإنسان مثل رأس الحمار.. لو جدت في ذلك نقصًا كبيرًا، وعلمت عدم تناسب وانسجام، ولكنك إذا علمت أن طول عنق الجمل، وشق شفته ليسهل تناوله الكلأ عليه أثناء السير، وأن الفيل لولا خرطومه الطويل.. لما استطاع أن يبرك بجمسه الكبير لتناول طعامه وشرابه، لو علمت كل هذا لتيقنت أنه صنع الله الذي أتقن كل شيء، ولقلت: تبارك الله أحسن الخالقين.
ولما ذكر خلق السماوات والأرض.. شرع يذكر خلق الإنسان، فقال: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ﴾؛ أي: بدأ خلق آدم أبي البشر عليه السلام من بين جميع المخلوقات ﴿مِنْ طِينٍ﴾؛ أي: من تراب، فصار على صورة بديعة وشكل حسن، والطين: التراب والماء المختلط، وقد يسمى بذلك وإن زال عنه قوة الماء، وقد يكون المعنى: إن الطين ماء وتراب مجتمعان، والآدمي أصله: منى، والمني من