١٠ - ﴿وَقَالُوا﴾؛ أي: وقال (١) كفار مكة، كأبي بن خلف وأضرابه من المنكرين للبعث بعد الموت: ﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ﴾؛ أي: أنبعث ويجدد خلقنا إذا متنا وغبنا في الأرض بالدفن فيها، وذهبنا عن أعين الناس، وصرنا ترابًا مخلوطًا بتراب الأرض، بحيث لا نتميز منه؟! و ﴿الهمزة﴾ فيه: للاستفهام الإنكاري، داخلة على محذوف، وذلك المحذوف هو العامل في ﴿إذا﴾، و ﴿الهمزة﴾ في قوله: ﴿أَإِنَّا﴾ لتأكيد الإنكار السابق وتذكيره؛ أي: ﴿أَإِنَّا﴾ ﴿لـ﴾ نبعث ونكون ﴿فِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ بعد موتنا وانعدامنا، ونصير أحياء كما كنا قبل موتنا، يعني هذا منكر عجيب، فإنهم كانوا يقرون بالموت ويشاهدونه، وإنما ينكرون البعث، فالاستفهام الإنكاري متوجه إلى البعث دون الموت، وقد تقدم اختلاف القراء في همزة ﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا﴾ والتي بعدها.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿ضللنا﴾ بفتح اللام، والمضارع يضل بكسر عين الكلمة، وهي اللغة الشهيرة الفصيحة، وهي لغة نجد، وقرأ يحيي بن يعمر وابن محيصن وأبو رجاء وطلحة وابن وثاب، بكسر اللام، والمضارع بفتحها، وهي لغة أهل العالية، وقرأ أبو حيوة ﴿ضللنا﴾ بالضاد المنقوطة، وضمها وكسر اللام مشددة، ورويت عن علي، وقرأ علي وابن عباس والحسن والأعمش وأبان بن سعيد بن العاص صللنا بالصاد المهملة وفتح اللام، ومعناه: أنتنّا، وعن الحسن: ﴿صللنا﴾ بكسر اللام، يقال: صل يصل بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع، وصل يصل بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع، وأصل يصل بالهمزة على وزن أفعل، وقال الفراء: معناه صرنا بين الصلة، وهي الأرض اليابسة الصلبة، وقال النحاس: لا نعرف في اللغة: صللنا، ولكن يقال أصل اللحم وصل، وأخم وخم: إذا أنتن، وحكاه غيره.
والمعنى (٣): أي وقال المشركون بالله، المكذبون بالبعث: أئذا صارت
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.